(لدينا العديد من شكاوى المزارعين حول وجود آليات زراعية فاسدة)... لم يجد رئيس اللجنة الزراعية بالبرلمان د. عمر علي حرجًا شديدًا أو مشقة وهو يُحدِّث عددًا من الصحفيين البرلمانيين بهذا الأمر، على غير العادة من المسؤولين في أوقات سابقة، وربما ما قام به رئيس اللجنة الزراعية السابق د. يونس الشريف من مجهودٍ جبَّار من قبل في التحدُّث عن قضية الفساد في التقاوي الفاسدة ومن ثم إحالته للملف للعدل والتي بدورها أحالته للقضاء فتح شهية الجميع للتحدُّث عن قضايا الفساد بكل أريحية، ولعل الحرب المعلنة التي أعلنتها الدولة في أعلى قمتها على الفساد كانت أمرًا مشجّعًا إضافيًا، فالرئيس البشير ونائبه الأول أعلنا في أكثر من مرة إشهارهما لسيف الحرب على الفساد، وأكدا أنه لا كبير على القانون مضيًا على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والذي قال من قبل في ما معناه: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها». ويبدو أن الحديث عن الاشتباه في فساد آليات زراعية باعتبارها غير مطابقة للمواصفات سيُحرِّك الكثير من الساكن في هذا الأمر من قبل مزارعين بسيطين لا يعلمون عن مطابقة المواصفات أي شيء، وعلى الرغم من أن الأمر لم يُحسم بعد إلا أن الحديث كثر عنه، فبدأ لأول مرة خلال جولات تفقدية قامت بها اللجنة الزراعية على عدد من الولايات، فتلقت اللجنة عددًا من الشكاوى من مزارعين بالجزيرة والدمازين بوجود آليات زراعية غير مطابقة للمواصفات قد وصلتهم، وطلبوا من اللجنة فقط مساعدتهم لإيجاد حلول سريعة لإصلاح تلك الآليات، ثم تم التحدّث في الأمر عن طريق اتحاد المزارعين وأيضًا خلال زيارة للجنة الزراعية بالبرلمان له وتم التطرّق للأمر على استحياء، وعلى خلفية نجاح اللجنة الزراعية في التعاطي مع ملف التقاوي الفاسدة والتي تم إطلاق لفظ «فارغة» أو «قليلة الإنبات» تجملاً، فقام عددٌ من المزارعين بالتقدّم لعدد من الشكاوى للبرلمان بخصوص آليات فاسدة كان آخرها الأسبوع الماضي من قبل عدد من مزارعي الجزيرة في مواجهة البنك الزراعي، وقالت اللجنة: إن غالبية الشكاوى التي تلقتها من قبل بخصوص آليات فاسدة غير صالحة للعمل بالبلاد قد تم إدخالها عن طريق البنك الزراعي. ويكشف المهندس الزراعي الحسن محمد طاهر خلال الشكوى التي رفعها للجنة حول الحاصدات، تضخيم في أسعار الحصادات، ففيما لا يتجاوز سعرها الحقيقي «30» ألف جنيه في عام شرائها «2009»، قام البنك الزراعي ببيعها لهم ب «105» آلاف جنيه، أي بثلاثة أضعاف سعرها، وقال ساخرًا: لمصلحة مَن تم ذلك؟؟، وتساءل عن الجهة التي لها مصلحة في ذلك، واصفاً الحاصدات بالمعيبة، وأكد باعتباره مهندسًا زراعيًا ضعف قوة الماكينة، وأنها تتعرَّض للتلف السريع.. بدورها قامت اللجنة عقب كثرة الشكاوى بتكوين لجنة مصغّرة برئاسة عضو اللجنة حبيب مختوم «عضو مجلس إدارة البنك الزراعي» للتحقيق في شكاوى المزارعين والذين طالبوا بأن يستخدم البرلمان صلاحياته لكشف ما سمّوه خبايا الصفقة الفاسدة والتي قالوا إنها أضرّت بالاقتصاد السوداني والمزارعين وقطع رئيس اللجنة الزراعية عمر في حديثه للصحفيين أن اللجنة مسؤولة تمامًا عن رد الحقوق للمزراعين، وقال: إن اللجنة ستحاول الوصول لتسوية في القضية أو في حالة العدم سيتم الدفع بها للقضاء أسوة بقضية التقاوي الفاسدة. حسنًا... لم يقتصر الحديث عن آليات زراعية غير مطابقة للمواصفات على البرلمان فقط بل تخطاه، فقد كشف أحد المسؤولين السابقين بمشروع الجزيرة أن أحد المديرين السابقين تعاقد على استيراد تراكتورات من الهند قوة «40» حصانًا في الوقت الذي فيه أن المواصفة الفنية للعمل في تربة الجزيرة الطينية الصماء تمنع استجلاب تراكتورات بقوة أقل من «70» حصانًا وعلى هذا يمكن القياس على بقية المعدات والمدخلات، وكان الحديث عن الفساد في شركة الأقطان يدور في هذه الإطار والذي تم إقالة مدير الشركة وتحويله هو وشركاؤه في الفساد لنيابة الأموال العامة.. ويبدو أن الحديث عن وجود آليات زراعية فاسدة أو غير مطابقة للمواصفات إذا ما صدق سيطول التحقيق عددًا من الجهات المسؤولة عن فحص وعن مطابقة مواصفات هذه الآليات والجهات الفنية التي تقوم بالسفر لاستجلاب هذه الآليات، وعلى الرغم من كثرة الحديث عن هذه الآليات الفاسدة إلا أن وزير الزراعة المتعافي كان قد وصف في حوار سابق مع الزميلة (السوداني) الحديث عن وجود آليات تالفة بأنه «كلام ساكت» وأكد أن أية آلية تدخل البلاد، يتم اختبارها والوكيل لا يسمح له بالاستيراد إلا باختبار الآليات ويجاز المنتج من قبل لجنة مراقبة الآليات الزراعية، وزاد على ذلك باتهام من يتحدَّثون في الصحف عن تقاوٍ فاسدة أو آليات فاسدة بأن ذلك واحدًا من أهم علامات جهل من يكتبون عن هذه القضايا الفنية.. وما بين شكاوى المزارعين والحديث عن إدخال شركة الأقطان لآليات فاسدة وحديث وزير المتعافي المشكك في الأمر سيدور الكثير والكثير من الجدل حول الأمر ولن يحسم الأمر إلا بقطع مظان وشبهات الفساد عبر تحقيق عادل محايد يرجع لكل ذي حق حقه ..!!