في سماء بربر القدواب أشرقت أنوارها طاردة ظلمات الجهل ومذلة السؤال، نواتها الإخلاص في العمل من اجل تعفيف حفظة القرآن الكريم، متفردة في كل شيء «مبانيها، أساتذتها، قادتها» فهم رموز العلم والتدين والصدق، لا مجال فيها للخمول والكسل والنفاق، باشروا عملهم بالجد والاجتهاد والصبر والمثابرة والاحتساب. شيدها رجال صقلتهم شموس الشهود والعرفان.. لا مناصب رفيعة تحجبهم عن رؤية الحقيقة ولا ثروات تغنيهم عن العمل المخلص فعندما يكون العمل لله تندك حصون الكبرياء وتتساقط الشهادات والمناصب وتتجلى أصالة النفس النقية فيصبح التجرد والتواضع سماتهم الواضحة.. فرحين بالاختصاص الإلهي لهم فالعمل لله وشاح يفتخر به من اصطفى. هكذا بدأت مسيرة إنشاء جامعة الشيخ عبد الله البدري كسنبلة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.. منهاجها الخير والاعتدال والطاعة والامتثال والخضوع لله رغبة ورهبة.. فكانت فكرة تعفيف حفظة كتاب الله محور ارتكازها نبعت من فيض رباني تجسدت فيه كل المعاني الإنسانية السامية والقيم النبيلة لتنمو شجرة الخير المغروسة في ارض التواضع المتفرعة في سماء العلوم والمعرفة. كانت البداية في العام 2002م بأول كلية تقنية لتعفيف حافظ القرآن «كلية الشيخ عبد الله البدري التقنية» تيمناً بمؤسسها وراعيها مولانا الشيخ عبد الله البدري.. جامعة التكنولوجيا بغداد لإنشاء مركز الطاقة المتجددة بين التقوى والتعفيف والإكرام على خطى سيد البشر المبعوث رحمة للعالمين. وقطف ثمارها طالب العلم «حافظ القرآن» التقني الماهر في مجالات «الهندسة الكهربائية والحدادة والخراطة»، من داخل السودان وخارجه. برزت قدرتها على الثبات وسط عواصف العداوة والحسد والسخرية والشماتة واستمرت تحصد النجاح في كل المجالات تخرج التقنيين المهرة.. ثم أنشئت كلية ثانية «كلية الشيخ عبد لله البدري التقنية الصحية» لتكون إضافة حقيقية في مجال الأطر الصحية «الصيدلة والتمريض والأسنان والإحصاء الطبي».. حتى كان العام 2011م ليعلن عن انتقال الفكرة إلى مرحلة الشمول لتصبح «جامعة الشيخ عبد الله البدري» بعد اعتمادها في المجالس التشريعية والبرلمان ورئاسة الجمهورية وفي أول خطوة علمية وقعت إدارة الجامعة على مذكرات تفاهم ومقترحات تعاون مع عدة جامعات منها جامعة الزعيم الأزهري وجامعة ديالا وجامعة المستنصرة من جمهورية العراق وجامعة الإسراء من المملكة الأردنية الهاشمية وتوجت أخيرًا باتفاق التعاون مع وزارة التقانة العراقية في لقاءات شهدها سفير جمهورية العراق بالسودان. وفي لحظات تاريخية عقد مجلس الجامعة أول اجتماعاته في فبراير 2012م تحت شعار قوله تعالي « أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء » وبتشريف الدكتور محمد الطيب وزير الدولة بوزارة التعليم العالي.. وقدّم الشيخ عبد الله البدري مؤسس وراعي الجامعة كلمة تحمل في طياتها معاني الشكر والامتنان لكل من ساهم في التأسيس وبشر بميلاد الجامعة وتحدث عن الفكرة والتأسيس والأمل والمستقبل مؤكداً ثقته في أعضاء مجلس الجامعة ومجلس الأساتذة وقد تحدث مدير الجامعة بدوره عن التحديات التي تواجههم والتطلعات المنشودة، وأكد اتباع الأسس العلمية في التخطيط الإستراتيجي والمتابعة والتنفيذ.. ثم تحدث رئيس مجلس الجامعة الدكتور محمد عبد الله النقرابي عن أصالة الفكرة وشموخ الصرح وعزيمة المؤسس والتي بدأت بالكلمة الطيبة.. والتي أصبحت شعارًا لأول اجتماع للمجلس. وبعد عقد جلسات التداول بين الأعضاء خرج المجلس بعدة قرارات كان أولها إجازة شعار الجامعة وجملة من التوصيات بإنشاء كليات جديدة وهي «كلية العلوم الاقتصادية والإدارية كلية الهندسة بأقسامها كلية العلوم كلية التكنولوجيا» ومراكز متخصصة وهي «مركز المشير البشير للتدريب المهني مركز تنمية المجتمع مركز أبحاث الطاقة والوقود مركز الصناعات الهندسية مركز الأبحاث الزراعية»، واعتماد خطة القبول وإجازة اللوائح بواسطة اللجنة التنفيذية والتي تم اختيار أعضائها في الاجتماع.. ولنا أن نقول إن الانفراد بالفكرة وتطبيقها على ارض الواقع انجاز يحتاج إلى معاجم تفسر كيف يكون مستقبل جامعة سودانية بمواصفات عالمية في ارض جرداء إلا من أخلاق سادتها الأتقياء الأوفياء.