وثيقة الدوحة للسلام في دارفور التي تتألف من «111» صفحة، تضمنت سبعة فصول عن حقوق الإنسان وتقاسم السلطة والثروة والتعويضات والعدالة والمصالحة ووقف إطلاق النار، وأخيراً الحوار والتشاور فضلاً عن ملحق بالجداول الزمنية للتنفيذ. وجاء الفصل الثاني وبعد استعراض المبادئ والموجهات العامة لتقاسم السلطة، جاء مفصلاً للسلطة الإقليمية لدارفور، وهي بحسب المادة «10» الفقرة «59» لها دور أساسي، وهو تنفيذ وتنسيق وتعزيز كافة المشروعات وأنشطة إعادة الإعمار والتنمية في دارفور، إلى جانب التنسيق والتعاون فيما بين ولايات دارفور، ومع هذا فقد أوردت الوثيقة بالفقرة «63» اختصاصات حصرية لهذه السلطة الإقليمية أكثر من سبعة عشر اختصاصاً. ولكي تكون هذه السلطة قادرة على مباشرة هذه الاختصاصات الحصرية لا بد لها من هيكل، فجاء نص الفقرة «65» كاشفاً عن أن هذه السلطة الإقليمية تتكون من جهازين: جهاز تنفيذي وهذا يتألف من«10» وزراء و«4» مفوضين ورئيس لصندوق إعادة الإعمار، إضافة إلى رئيس السلطة ونوابه «بعدد ولاة ولايات دارفور» ومساعد الرئيس لشؤون السلطة. وهؤلاء جميعاً يتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية، ويتمتع أعضاء الجهاز التنفيذي المشار إليهم بوضعية وزراء الدولة، أما رئيس السلطة فيكون بعد نواب رئيس الجمهورية مباشرة من الناحية البروتكولية. أما الجهاز الثاني للسلطة الإقليمية فهو مجلس السلطة الإقليمية الذي يتألف من «67»عضواً يتم اختيارهم ممثلين للحركات ومجالس الولايات التشريعية، ويكون لهذا المجلس رئيس ونائبان... ومثلما هناك اختصاصات للجهاز التنفيذي فللمجلس أيضاً اختصاصات حددها البند «73» من الاتفاقية، أبرزها مراقبة وتقييم أداء السلطة الإقليمية، واستعراض القوانين من حيث علاقتها باختصاص سلطة دارفور الإقليمية. وهناك جهاز ثالث للسلطة الإقليمية جاء به نص الفقرة «62»، وهو لجنة الأمن الإقليمية بدارفور، وهذه تتكون على النسق القومي والولائي مع تحديد صلاحياتها، غير أن هذا النص لم يحدد الجهة المناط بها إنشاء هذه اللجنة، كما لم يفصح عن كيفية تحديد الصلاحيات، وهل يتم ذلك بقانون أم خلافه، ذلك أن لجان الأمن بالولايات والمحليات منصوص على إنشائها واختصاصاتها في قانون الأمن الوطني لسنة 2010م المادة «18»، أما على المستوى القومي فهناك مجلس الأمن الوطني المادة «7» من ذات القانون، ولجنة الأمن الفنية العليا المادة «11» ولكلٍ اختصاصات.. فكيف يفهم إنشاء لجنة الأمن الإقليمية على النسق القومي والولائي بينما لا يوجد تجانس في الاختصاصات. وهذا يعد من النصوص الفضفاضة التي قد تخلق بعض الصعوبات في مرحلة تنفيذ الاتفاقية. إذن سلطة دارفور الإقليمية وبهذه الأجهزة ذات الاختصاصات إلى جانب أنها ستكون جزءاً من الدستور القادم بحسب نص المادة «78» الفقرة «487» من الاتفاقية، وهي الآن أيضاً تتمتع بالوضع الدستوري وفقاً لإرادة أطراف الاتفاق الموقعين.. سلطة بهذا التكييف لا شك أنها ترمي إلى مستوى من مستويات الحكم الفدرالي.. صحيح قد يتعمد أطراف الاتفاق إخفاء هذا المدلول، ولكن كل المؤشرات تؤكد أن ما أخفي سيكون واضحاً في يوم ما. فنظام الحكم الفدرالي غير المتوازي قد تم تجريبه في ظل اتفاقية نيفاشا.. فهل يتكرر ذلك في اتفاقية الدوحة؟ محمد العاجب إسماعيل الصافي