بشرى للقارئ الكريم بأن الشخص الذي شرب بول المريض المذكور في العمود السابق قام بإرجاعه وللأسف كان ناقصاً نصف زجاجة وفقد الصلاحية لفحصه وقام المريض بالتخلص منه كنفايات وأخشى أن تكون نبوءتي قد صدقت واستخدم حرامي البول المسروقات أو الكمية المفقودة في فول الفطور، يقودني الحديث عن سرقة البول إلى سرقة الأعضاء البشرية وفي تقديري العلمي هي أقرب إلى الأسطورة منها إلى الواقع فإذا قام طبيب بسرقة عضو بشري يجب أن يكون صالحاً لزراعته في شخص آخر، ومن الناحية العلمية والعملية يجب فحص فصيلة دم صاحب العضو كما يجب استبعاد فرضية حمله لفيروسات الإيدز والتهاب الكبد الوبائي«س»و«ج» وفيروس CNV، كما يجب معرفة عدد الشرايين والأوردة قبل أخذ العضو ومعرفة سلامة المريض من أمراض الضغط والسكر وتكيُّس الكلى والزهري والملاريا وأي أمراض معدية أخرى سائدة في منطقة الشخص المراد أخذ عضوه أو سرقة عضوه، وإذا افترضنا توافر كل هذه الأشياء فإن المريض المستفيد من هذا العضو من الذكاء بمكان لمعرفة صاحب العضو وسلامته من هذه الأمراض وأشك جدًا أن يقبل مريض في أن يزرع في جسده عضو مسروق من شخص آخر كما أشك في أن يثق هذا المريض في طبيب قام بسرقة هذا العضو وخلاصة القول إن ما تعارف عليه بسرقة الأعضاء هي أسطورة وخرافة ولايسندها أي علم حديث. والحديث عن سرقة الأعضاء يقودني إلى بيع الأعضاء وبما أن صاحب الحاجة أرعن فيضطر بعض المرضى للبحث عن شراء الكلية لعدم توفرها، وفي السودان بيع الأعضاء محرَّم وأيضًا تحرمه قوانين منظمة الصحة العالمية ورغم ذلك هنالك بلدان قليلة جدًا يتم فيها بيع الأعضاء تحت الأرض والمحاذير كثيرة للمريض المستفيد؛ لأن عامل المادة يدخل في المعادلة على حساب العناية الطبية الفائقة وننصح بعدم ترجيح هذا الخيار من المحاذير الكثيرة المرتبطة به رغم تقديري لحاجة المريض والبديل في تقديري هو تفعيل برنامج أخذ الأعضاء من المتوفين دماغيًا حتى نتمكَّن من زراعة الكلى والكبد والبنكرياس وحل الضائقة للمرضى الذين ليس لديهم متبرِّعون، وأذكر في هذا الإطار أنني قمت بعمل ندوة شارك فيها مولانا عبد الحي يوسف لتوضيح شرعية أخذ الأعضاء من المتوفين دماغيًا وكانت إفادته أنها لا تتعارض مع الشرع وعند فتح باب النقاش سأل أحدهم: هل تعذّب الكلية المنقولة يوم القيامة مع الزارع أم المتبرِّع؟ فكانت الإجابة من أحد المرضى الزارعين «كزام» الذي عُرف بسرعة النكتة وحضارة البديهة «أنها ستكون شاهد ملك».