أضحت أخبار الجريمة واحدة من المقومات التي تهتم بها الصحافة السودانية بشكل كبير، ولعل مرد ذلك التطور الكبير الذي لحق بالجريمة نفسها وبالشرطة والصحافة معاً، وهو أمرٌ يضع الصحافة والشرطة أمام تحدٍ كبير في التعامل مع هذا الوسط، فأخبار الجريمة من ناحية تثير اهتمام القارئ وتعمل على زيادة المبيعات وترفع الوعي الأمني، ولعل هذه المهام باستثناء الأخيرة تشكل تقاطعاً مع مهنية الشرطة في أعمال الكشف والتحري والقبض والمتابعة، وبقراءة الواقع الصحفي نجد كل الصحف السودانية والسياسية على وجه الخصوص أفردت اهتماماً لهذا الجانب من الصحافة، واختارت له عناصر صحفية مميزة وجعلت من صفحاته في أغلب الصحف صفحة يومية، بالتالي صحافيو الحوادث والجريمة صاروا من أهم الكوادر الصحافية، وهذه المساحات الواسعة من الصفحات خلقت تحديًا أكبر لتقديم صحافة رسالية راشدة تعتمد في نشرها على حزمة أمور مهمة تتمثل في إحاطة القارئ بما يدور حوله من تطور في مجال الجريمة وهي وظيفة الأخبار المعرفية والتي تُبنى عليها قاعدة رفع الوعي والإدراك بالمخاطر التي تحدق بالمواطن ومن ثم تجنبها إن تشابهت الأحداث، وبذلك يكون نشر الجريمة في إطار التوعية بها لكبحها والقضاء عليها. لذلك لنا ولزملائنا الكرام التواصي بأن نتعامل مع قضية نشر الأخبار المتعلقة بالجريمة وسبل مكافحتها لتعزيز جهود الشرطة وإشراك المواطن في عمليات المكافحة والتخفيف والكشف عن ملابساتها بالتعاون مع الأجهزة المختصة، وعلينا أن نضع محاذير وخطوطًا حمراء تنطلق من واجبنا الصحفي والأخلاقي وهو مضمن في نصوص قانون الصحافة والمطبوعات وميثاق الشرف الصحفي، وتجنب التناول السالب للجرائم التي تؤثر على المجتمع بشكل واضح كجرائم اغتصاب الأطفال وهتك أسرار وخفايا الأُسر والقضايا المتعلقة بالذوق العام وألا نتناولها إلا في إطار كلي يحفظ للقارئ وقار الصحيفة، وأحسب أن كل الصحف السودانية المهتمة بهذا النوع من الصحافة تحذو ذات الحذو وهي متحفظة وعلى درجة من المسؤولية، ولكن بعضها يحتاج لمزيد من الضبط والوعي في التناول.. أسوق هذا الحديث بعد متابعتي لكثير من الوقائع التي تنشرها الصحف فلا أجد لها أصلاً ولا فصلاً ولا واقعًا ولا رداً عليها من الشرطة. أفق قبل الأخير نشرنا في هذه الصفحة تحت عنوان «بلاغات احتيال ظريفة» وشرحنا الكيفية التي احتال بها مجرم على صاحبة مركز اتصالات عن طريق تحويل الرصيد فوقعت الجريمة في اليوم التالي سبع مرات في ولاية الخرطوم لذلك سحبنا هذه الفقرة من الصفحة. أفق أخير: نلجأ للمصادر الخاصة عندما تصمت المصادر الرئيسة.