الحركة الشعبية ظلت على الدوام هي المفرخ للحركات المسلحة وبؤر التمرد وحرائقه في بلادنا عبر التيمنة الحزب الشيوعى السودانى عليها، واختراقها التي لبعض أحزابنا التقليدية برعاية غربية أمريكية ضمن المخطط الاستعماري الغربي الكبير لتجزئة السودان وصوملته !. وقد كان بعض أبناء الشمال جزءًا يسيراً من مكونها عند نشأتها لجملة أسباب تعود الى الاختلاف في الهوية والأهداف والمبادئ والأيام عقب الانفصال أثبتت أن الخيانة للاوطان وان تدثرت بثوب مغاير لكنها مكشوفة لامحالة !. بل ظلت الشعبية ومنذ سعيها الأول باتجاه بولاد والحلو وعقار وعرمان لتجنيدهم ، وكان ذلك بغرض اسباغ القومية على طرحها وتمرير أجندتها بالداخل ، ولكن سرعان ما أنفضح الطرح العنصرى والجهوى والعرقى لها باجندات خارجية، لكنها سرعان ما أنكفأت على الجنوب حتى وهي داخل حظيرة الشراكة المزعومة !. لم يكن أي من أقاليم السودان ولا أريافه وحواضره وقضاياه جزءًا من اهتماماتها وتوجهاتها حتى تبلغ غايتها عبر هذه البيادق!. ولم تغير في نهجها عندما توجهت باتجاه عبد الواحد وخليل، وشراكات الداخل مع الترابى ونقد والمهدى والميرغنى وغيرهم فيما سمى بتحالف جوبا الذي هدف لاسقاط الحكومة ولم يفلح !. بل كان دخولها للتجمع الوطنى في أول اختراق لأحزاب الشمال ومحاولاتها مع الميرغنى والمهدى في كوكادام وأديس أبابا وغيرها كلها محاولات ماكرة لابتلاع هذه الكايانات والوصول الى حلمها فيما عُرف بالسودان الجديد أو فصل الجنوب وقد كان !. ولكن ترى ما الذي استفادته هذه المجاميع منها والتي تراها تغادر ساحتهم والدستور القائم وما يأتى من قوانين لا يمكن بقاياها فيما يعرف بقطاع الشمال من العيش بالشمال، هذا القطاع الوهمى الذي لم يحقق غاية واحدة وقد توفرت له كل أسباب الحياة ، فكيف به وقد انقطعت مشيمته وثبتت عمالته للخارج وخيانة قادته للوطن وهمومه وتآمرهم عليه عبر حرب جديدة دشونوها !. وها هي الحركة الشعبية تسعى لاستعادة قبضتها على هؤلاء الأدوات بعد شهر واحد من فصام الجنوب، حيث وقع بجمهورية جنوب السودان في 10/8/2011م تحالف بين الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات تحرير السودان جناحي مناوي وعبد الواحد وحركة العدل والمساواة تحت مسمى «الجبهة الوطنية للمقاومة».. ولم تخفِ دولة الجنوب استهدافها للشمال من خلال ما قامت به من رعاية كاملة فيما يلي التمويل والحركة والتنقل وتأمين الشخصيات، وأنّ الجانب العسكري لدمج القوات بين الحركات والجيش الشعبي يجد الدعم المباشر من جيمس هوث رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي!. واعتمد الكيان الوليد تكوين دولة علمانية وفصل الدين عن الدولة والتحول الديمقراطي التي مثلت أهم بنود الاتفاق، وقد كان الوسيط لهذا الاتفاق بين الحركة الشعبية والحركات الدارفورية هو ياسر عرمان الذي كثف اتصالاته مع قادة الحركات لإقناعهم بالاتفاق، وأوضح عرمان أن آخرها الاتصال بينه وخليل إبراهيم!. وجاءت أطراف التوقيع من جانب الحركات مثلها د. الريح محمود عن جناح مناوي وأبو القاسم إبراهيم ممثلاً لعبد الواحد ووقع عن العدل والمساواة أحمد آدم بخيت!. وقد بات جليًا أن الاتفاق الذي تم توقيعه بين الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور المتمردة في هذا التوقيت قصد منه الالتفاف على اتفاق الدوحة الأخير ومحاولة إضعافه داخليًا وضرب جهود تسويقه لدى المجتمع الدولي !. بل هذا الاتفاق يعد أصدق دليل على الدعم المتواصل الذي ظلت تقدمه الحركة الشعبية لحركات دارفور في مسار عدائي غير صحيح، ينسف نوايا التعايش السلمي بين الجارين، ولا يخدم أية أجندة للسلام المستدام في دارفور بل هو اتفاق حرب واستعداء ومواجهة، والجنوب معروف باستضافته للعديد من حركات دارفور وتمويلها وتسليحها لغايات خارجية ضمن مشروع استراتيجي للغرب وأمريكا في منطقتنا!. والاتفاق يضاف الى فشل الحركة الشعبية في إقناع الشمال بطرحها العلماني وهروبها من التحديات التي تحيط بها دعاها للتحرك في ساحة التقارب الموجودة بينهما وبين الحركات المسلحة الدارفورية، في مسعى تكتيكي لا تقوى عليه ليس لخدمة السلام في دارفور أو في الجنوب، وتوقيت اختباره سينكشف قريبًا جدًا!. والناظر بعمق الى دواعي هذا التحالف القديم المتجدد وتوقيته وأهدافه على خلفية ما جرى في أبيي التي استعصت على الحركة الشعبية لاحتوائها وضمها بالقوة، والتي ترى أيضًا الهزيمة النكراء التي لحقت بالحلو وخسرانه للانتخابات والحرب التي أراد اشعالها !. وبالأمس سقط عرمان وقطاعه في سباق الرئاسة وتجيير الشمال لخدمة أجندة الحرب عبر الفتن والشائعات التي ظل يطلقها، ومعركة الديمقراطية والحريات وحزبه القديم وحركته الحالية لا يعترفون بهذه القيم ولا يعتدون بها بدليل الواقع المزري الذي يعيشه شعب الجنوب وانفراد الدينكا بكل شيء !. هرب الحلو من أرض المعركة واحتمى بجوبا كما هرب يوم القبض على بولاد في دارفور، وسيظل طريدًا مطلوبًا هائمًا على وجهه كما هو الحال بالنسبة لخليل في ليبيا بعد غزوته الفاشلة لأم درمان!. ومالك عقار لم يفز هو الآخر في النيل الأزرق وإنما جرى ترويضه ومنحه منصب الوالي كمكرمة لا يستحقها فهو نصير التمرد ويده الآن الى الزناد لكنه يخشى مصير الحلو في جنوب كردفان والقوات المسلحة والدفاع الشعبى يحيطون بولايته من كل جانب !. هكذا تعقد الحركة الشعبية تحالفاتها لدق طبول الحرب مع أطراف خارج حدودها بالتزامن مع ميلاد دولتها، والكل يدرك المقدرات والمقومات التي تقوم عليها حكومة الجنوب، والإحن الكبيرة والمتاعب التي تتهددها، لكنها تفعل ذلك في ظل وجود وغطاء دولى كثيف بجوبا له غاياته وأطماعه ليس في موارد الجنوب النفطية، بقدر ما هو مصوب على السودان الشمالى بكل رمزياته وموارده وحكومته وما تحمل من شارات !. القدرة التي جعلت الحركة الشعبية تجرؤ على خطوة إقامة هذا التحالف لم تقابل بما تستحقه من قبل الحكومة في الخرطوم والتي ترى ما كان يشاع من نوايا لتقسيم السودان الشمالى يتجسد واقعًا، وتبدأ بهذا التحالف الذى يجمع بين «العنصرية الجهوية القبلية المرارات والمطامح الشخصية وتيارات العلمنة الفاقد التربوى من عَطَلَة المواهب والحالمين بالنجومية والشهرة !»!. كلهم جرى اعدادهم من قبل أربابهم لمعركة ليست بمعركتهم لكنهم باتوا أدواتها ويتوجب على القائمين بالأمر ابادة هذه المظاهر على مستوى القانون الذى يخرج عليه في بلادنا دون أن يكون لمثل هذه الجرائم بحق الوطن تبعات قانونية أو مساءلة أو عقوبة !. لماذا ولأجل من هذا الذى يحدث من تمييع مع أرباب الفتنة هؤلاء؟ وما يصدرعنهم من استهداف معلَن وتصريحات متناغمة بالداخل والخارج غايته واحدة، أين الأجهزة الأمنية والعدلية في بلادنا؟ أم التي راضية عما يجري أم عاجزة عن فعل شيء !؟ بل أين القانون، أم أن واقع الحال أغرى المغامرين بانتهاج العمل المسلح والتآمر على الدولة بعد أن ضمنوا المكافآت والمناصب ! أم على كل مواطن غيور وحادب على مصلحة الوطن وأمنه أن يأخذ القانون بيده كما يفعل هؤلاء المجرمون بحق أمتنا وأرضنا ومصالحنا، نحن بحاجة لخطوة رئاسية تضع الأمور في نصابها الصحيح!؟!. ليس بمقدور هذه المجاميع المتشاكسة أن تبنى وطنًا، لكن بيدها ان تسهم في تفتيت البلاد وتمرير مخططات الأجنبى اذا مضينا في التساهل معها الى الحد الذى يلف الحالة الراهنة في التعامل معهم، وجعلنا ابتزازهم وتفلتهم يسود الساحة السياسية!!.