قبل فترة ليست بالبعيدة شدّني منظر مجموعة من الشباب والنساء وهم يتحركون بخفة شديدة شرق شارع الحرية قبالة ميدان جاكسون ويحاولون اللحاق برجل التف حوله زمرة من الشباب والشيوخ وكاميرات الفتوغراف والفيديو توثق للرجل والباعة المتجولين في تلك المنطقة فاندهشت لحركة أولئك واقتربت من إحداهن بعد أن سمعتها تقول «قولوا لعمكم دا يمشي براحة» فقلت لها من عمكم هذا فأجابت وهي تلهث من سرعة السير «المعتمد» فأدركت أن الرجل ذاك ما هو إلا اللواء عمر نمر معتمد الخرطوم الذي يسعى منذ تكليفه بهذا المنصب إلى إحداث التغيير في وسط الخرطوم وكذلك أطرافها، حتى إن أحد الزملاء قال لي في أحد الأيام بعد أن قرأ عددًا من التصريحات للأخ نمر في يوم واحد «الزول دا ماله قائم بخمسة» وبين القوسين يعلمه من يجيدون قيادة السيارات ولكن لتوضيح مابين القوسين السابقين فإن معتمد الخرطوم ومنذ اليوم الأول لتكليفه ظل في حالة اجتماعات وزيارات ميدانية متواصلة يتفقد الرعية وأحوالهم، ولعل عقليته الأمنية جعلته ينظر للوجود الأجنبي بعين فاحصة فانتظمت الحملات ضد المخالفين من الأحباش وغيرهم من الأجانب، ونفس هذه العقلية جعلته ينظر بعين ثاقبة لبائعات الشاي والأطعمة وحاول تنظيم مصدر أرزاقهنّ لتصبح حضارية غير ضارة بهيبة ومكانة الخرطوم، وكثيرة هي الأشياء التي فعلها نمر خلال فترته القصيرة، ولكن كل هذا كوم والخريف القادم كوم آخر ويمثل امتحانًا في غاية الصعوبة لمعتمد الخرطوم فإما اجتازه بنجاح أو حقق الفشل كسابقيه من حكام الخرطوم، فالخريف عند مقرن النيلين يحتاج للكثير من العمل والجهد منذ الآن حتى لا يفاجئ الخريف حكام الخرطوم وأهلها، ويجب على الأخ نمر أن يبدأ منذ الآن في فتح مصارف المياه الرئيسة والفرعية بجودة وإتقان وليس كما يحدث في كل عام، ويجب عليه الاهتمام بمصارف الأحياء التي تسبح في برك من المياه مع أول الغيث ويجب عليه كذلك إحكام أجهزته الرقابية على الشركات المنفذة لهذه الأعمال حتى لا يأتي الخريف ويتعطل العباد في فتح مصارفهم بطريقتهم الخاصة مما يكلف المحلية جهد رعيته ويهدر على الدولة الكثير من الأموال التي هي أمانة في عنق الأخ عمر نمر. إن أهل الخرطوم يحلمون ومنذ زمن بعيد بخريف رائع يستمتعون بأجوائه دون حمل هموم البرك السابحة في الأحياء وقلب الخرطوم ويحلمون بخريف تهطل أمطاره طول الليل ولا يحمل المواطن هم كيفية الوصول إلى عمله ويحلمون... ويحلمون... فهل تتحقق أحلام الرعية باجتياز الأخ عمر نمر للامتحان القادم أم يحقق الفشل كالسابقين؟نرجو أن يتحقق الحلم.