منذ أن انتصر الحزب الحاكم المؤتمر الوطني لوالي القضارف الحالي كرم الله عباس ضد والي القضارف السابق الدكتور عبد الرحمن الخضر، منذ أن انتصر له بلا هدى ولا كتاب منير اعتبر الأول أن مرحلة ما بعد «الانتصار» يمكن أن يتمتع فيها بالإباحية الساسية، فيتجاوز حدود صلاحيات موقعه ليتطاول بجهالة على الدولة ممثلة برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، فسبق أن اعتبر تقديرات الدولة في قسمة الثروة حسب الظروف بأنها سلوك عنصري وجهوي، وما يدل على عدم استيعابه لمواصفات رجل الدولة.. ثم بعد ذلك راح يتحدث وهو والي وليس رئيس دولة عن دفع الجزية في ولايته، وكأنه السلطان سليم أو الخليفة سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.. أما الآن فقد جاء شيئاً إدًّا، حيث راح يتحدث عن التطبيع مع إسرائيل، وهذا ما لم يقل به حتى كمال عمر داخل المؤتمر الشعبي.. والسؤال ما الذي يجعل الحكومة تتمسك بهذا الوالي الذي أعاد إنتاج نموذج عقار وباقان وهل كتب الله الخلد في الدنيا لأحد حتى لا تهتم حكومة المؤتمر الوطني بتوفير البدائل حتى إذا اعتبرنا أن مثل كرم الله يشكل محور مصلحة سياسية لها؟! لكنه الآن يضر أكثر مما ينفع.. فلا يعقل أن يختاره الحزب مرشحاً له في الانتخابات القادمة وهو تقف وراءه شبهة العمالة للصهيونية.. لا نتهمه بذلك.. لكن في نفس الوقت لن يكون بوسع «الناخب» أن يؤكد عدم العمالة للصهيونية ما دام أن هناك دعوة انطلقت للتطبيع مع إسرائيل.. إن التطبيع يمكن أن يكون بين دولة جنوب السودان التي تحكمها الحركة الشعبية وإسرائيل التي كانت تدعم هذه الحركة أيام تمردها على الدولة السودانية.. وها هي إسرائيل تتمتع أو لها حق التمتع بحريات أربع أو أكثر مع دولة جنوب السودان دون إعلان أو اتفاق على ذلك حتى لا يجد المواطن الجنوبي في إسرائيل هذا التمتع «التطبيعي».. وها هي إسرائيل تهم بطرد مواطني دولة جنوب السودان، وقد أعلنت ذلك حتى ذهب نفر من اللاجئيين الجنوبيين إلى مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي وهم يهتفون: «لا ترسلونا إلى الموت».. الوضع خطير في دولة جنوب السودان».. بعد ذلك طالبت محكمة إسرائيلية بتمديد المهلة الممنوحة للجنوبيين حتى تتحسّن الأوضاع في ظل حكومة الحركة الشعبية. ومع ذلك يتحدث بعض قادة الحركة الشعبية عن أن دولتهم على ما يرام.. ولعلهم يختزلون الدولة في بيوتهم ومكاتبهم وسياراتهم الفارهة وأرصدتهم في البنوك.. أما المواطن الجنوبي فهو الحيلة السياسية لتبرير أي شيء ولن يكون محور اهتمام في دولة قبلية مثل جنوب السودان، وإسرائيل دائماً تسعى للتطبيع الرخيص الذي يقوم على الاعتراف بها دون فتح الطريق لعودة اللاجئيين الفلسطينيين والانسحاب من القدس والعودة لحدود عام «1948م» والخروج من مدينة الجولان السورية التي يغض الطرف عنها حزب البعث السوري وجه العملة الآخر في التآمر على المنطقة العربية السنية. «جيبو حي» اتجه والي جنوب كردفان مولانا أحمد هارون لمقاضاة قناة الجزيرة الفضائية لأنها أضافت كلمة من حرفين إلى تصريح له يقول «أكسح أمسح جيبو حي».. وكتبت القناة على الشريط الإخباري «ما» قبل «جيبو حي».. لكن قناة مثل الجزيرة معتدلة ومهنية ولا تخدم الأجندة التآمرية الغربية والصهيونية و«الطائفية» مثل غيرها من بعض القنوات الأخرى، بدلاً من أن تدخل معها الدولة أو حكومة أية ولاية سودانية في مخاصمة واختصام أمام القضاء.. يكون من الأفضل أن تطالب بالاعتذار والتصحيح، وهذا لعمري أكثر ما تستحقه قناة الجزيرة من عقوبة.. فمثل هذا الخطأ يمكن أن يكون غير متعمد.. خاصة أن لهجة التصريح يمكن أن توقع من يحرره في مثل هذا الخطأ، لكن لا بد من التصويب بعد الاعتذار وعبارة «جيبو حي» المقصود بها أن يُؤتى به أسيراً.. والسودان معروف بأنه أكثر دولة تحترم الأسرى وتحترم إنسانيتهم لذلك «جيبو حَي» هي الصحيحة.