جملة من التحديات ظلت تواجه الجمهورية الثانية ما بين أزمات وصراعات لامست نسيج المجتمع الذي لا يخفى دوره الفعَّال في إنهاء الأزمات والتحديات، مما حدا بمستشارية رئاسة الجمهورية إلى أن ترعى الورشة التي تناولت «مبادرة المجتمع المدني في بناء السلام وفض النزاع في الجمهورية الثانية» التي نظمتها منظمة سواعد للتنمية والتعمير. مستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان إسماعيل قدم فيها ورقة بعنوان «مفهوم الجمهورية الثانية ودور منظمات المجتمع المدني»، ابتدرها بالحديث عن دارفور وقال إنها استغلت من قبل عدد من الدول لتحقيق أجندة خاصة بها، مبيناً أن عدداً كبيراً من هذه الدول تستخدم هذه النزاعات لتحقيق أغراضها عبر التدخل فى الشأن الداخلي، مضيفاً أن النزاع في دارفور بدأ محدوداً ثم انتشر بتدخل دول الإقليم، وشكك في بعض الدول التي تسعى عبر محاولات لحل النزاعات وإحلال السلام، وقال: «ليس بالضرورة أن تعمل كلها بحسن نية وبهدف نبيل»، مؤكداً استخدامها هذه النزاعات للوصول إلى أهداف خاصة. ومن ناحية أخرى انتقد المراجع التي تُدرَّس في الجامعات، مشيراً إلى أنها مراجع غربية تتحدث عن آلية فض النزاعات، في حين أن القرآن الكريم تحدث بالتفصيل عن النزاعات وكيفية حلها، لافتاً إلى منع الإسلام للبغي والعدوان، ولكنه أباح التعامل بالمثل حتى لا تذل وتهان الأمة، وحتى لا يتحول النزاع إلى طغيان وعدوان. وأشار مصطفى إلى أهمية دور المجتع المدني في فض النزاعات ومحاصرتها، مؤكداً الحاجة إلى برنامج تثقيفى عن السلام يشمل ولايات السودان، والعمل على تشكيل الهوية السودانية لتصبح محوراً تلتف حوله قطاعات المجتمع جميعها. وقال عثمان إن ما يحدث في العالم الحديث الذي برع في تفصيل وسائل السلام وفض النزاعات والتحكيم تقوم به مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، متمثلاً في تنمية السلام وتنمية استدامة السلام، وكل هذه المؤسسات إذا أمعنا النظر في ثقافتنا وديننا، نجد أنها فصلت تفصيلاً وبطرق إسلامية غير التي تتم في هذه المؤسسات، وحتى المراجع التي تدرس في الجامعات تأكد أنها مراجع غربية. والدور المهم الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في فض النزاعات في الجمهورية الثانية، جاء من خلال الورقة التي قدمها الإعلامي د. ربيع عبد العاطي، مستشهداً بتجربة منظمات المجتمع المدني الأجنبية في دارفور، متناولاً آثارها التي ساعدت في تفاقم المشكلة هناك، وأشار إلى إنتاج فيلم مفبرك عن الاغتصاب يرمي إلى الاعتقاد بأن سياسة الاغتصاب هي سياسة الحكومة، وتم ذلك بواسطة منظمات يهودية على رأسها منظمة «أجيس ترست» ومنظمة حقوق الإنسان الأمريكية ومنظمة إنقاذ دارفور والمنظمة الاجتماعية «المانيا»، ومن اليهود شارك فيه يراين سيتدى وفل كوكس وفرانك ديتون. وتناولت الورقة أهمية دور المجتمع في رتق النسيج الاجتماعي، وذلك بتوسيع قاعدة العمل الدعوي والإرشادي بتشجيع قيام الجمعيات والمنظمات الدعوية من أجل بث قيم التكافل. ومع بروز مشكلة الفقر في الجمهورية الثانية وطرح العديد من الإشكاليات التي تحد من وضع حلول لهذه المشكلة، تم تقديم ورقة بعنوان «مكافحة الفقر عبر إدارة المشروعات الصغيرة» بواسطة الدكتورة أميرة كمال الدين التي سردت فيها دور دعم المشروعات الصغيرة عبر التمويل الأصغر في مكافحة الفقر، واستشهدت بعدد من البلاد التي اتبعته سياسةً للحد من الفقر، وبذلك سيشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد القومي لغالبية الدول، فقد بلغت نسبته فى مصر 96 % وفي الهند97 % وفي أمريكا 9 % وفى اليابان 71 %، وأوصت الورقة بضرورة الاهتمام بنشر ثقافة التمويل الأصغر من خلال الورش والمنتديات والمؤتمرات، وتبسيط إجراءات منح التمويل وتسهيل الضمانات للمشروعات الصغيرة.