٭ تُرى هل حل مشكلة «الجنوب الجديد» بعد انفصال الجنوب القديم ليكون دولة مستقلة تحكمها مجموعة يكرهها الشعب هناك ويثور ضدها منذ مسرحية الانتخابات التي تصاهرت صناديقها مع صناديق الذخيرة والبيرة، ترى هل حل هذه المشكلة الناجع يكون في تطبيق نظرية «اللص أمِّنه على مالك حتى تحفظه منه»؟!. إن المقصود من هذه النظرية هنا هو أن تقوم الحكومة مضطرة لركوب «صعب» هو أن تقول لشركات النفط الأمريكية العملاقة لنأت من الآخر.. ولك أن تستخرجي النفط باتفاقيات عادلة من أرض المليون وسبعمائة كيلو متر مربع. ترى هل هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يجعل الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد تقول لمرتزقتها الذين يحكمون دولة جديدة أبتعدوا عن حيث تستخرج شركاتنا النفط ووفروا طاقاتكم وعتادكم لمحاربة الثوار وجيش الرب؟!!. نقول هذا لأن السؤال هو: هل كانت منطقة هجليج النفطية ستتعرض للعدوان من مرتزقة واشنطن إذا كانت شركات واشنطن هي التي تستخرج النفط السوداني؟! طبعاً من ناحية الكرامة والشهامة لا يمكن أن تصدر الدولة قراراً يقضي باستضافة شركات النفط الأمريكية العملاقة في الحقول السودانية. لكن لتستمر الشركات النفطية الشرقية من صينية وإندونسية وماليزية في استخراج النفط السوداني وبجانبها يمكن أن تتتبع الحكومة السودانية حقولاً جديدة للنفط في حدود عام 1956م، في المسافات التي يتخذها مرتزقة واشنطن أبواب دخول للعدوان على السودان. أي لابد من أن يكون الدواء من جنس الداء على طريقة «داوني بالتي كانت هي الداء» إن الجدار «الأمني» العازل بين السودان ودولة جنوب السودان يمكن أن يكون عبارة عن مصالح أمريكية.. تتمثل في شركات نفطية أمريكية وهذا أفضل من أن يكون هذا الجدار عبارة عن قوات أجنبية تحت إمرة واشنطن أو الاتحاد الإفريقي الذي لا يستطيع أن يقتل ذبابة تحمل في أحد جناحيها بكتيريا التآمر الأمريكي الصهيوني الضارة.. وها هو الاتحاد الإفريقي يتدخل في مسألة اعتداء قوات دولة على دولة أخرى بالدعوة إلى الانسحاب وليس باستدعاء ممثلها أمام رئيس الاتحاد بأديس أبابا، وكأن هذا الاتحاد دولة ثالثة تتدخل لحل مشكلة دولتين شقيقتين لها، وليس مؤسسة تحاسب وتعاقب من يعتدي على دولة عضو به. وإذا كان هذا هو نهج الاتحاد الإفريقي فإن دولة إريتريا لا يضرها عدم عضويتها فيه، وهي الإقليم المنفصل عام 1993م من الدولة التي تحتضن رئاسة الاتحاد الإفريقي. والسودان أيضاً لا يضره ألا يكون عضواً بهذا الاتحاد الذي يعجز عن إصدار بيان يدين فيه بقوة مرتزقة واشنطن وإسرائيل الذين يحكمون دولة يواجهون فيها حالة إرهاصات الربيع الإفريقي بواسطة الثوار الأحرار الذين انشق بعضهم من جيش الارتزاق الجيش الشعبي «لتحرير السودان». لكن هل تدعم أمريكا هذا الجيش الشعبي بعد الانفصال من أجل «تحرير السودان» أم من أجل تحرير النفط السوداني من استثمارات الشركات الشرقية؟!. لتكن حقول النفط السودانية مثل «ثمار المدينة» تُقسّم بين الشركات الشرقية والغربية إذا رضيت أمريكا بنصيب الأسد الذي كان في قسمة الضبع وليس الذي منحه له الثعلب بعد مقتل الضبع بيد الأسد مخافة من نفس المصير. لكن هل تقوم إستراتيجية واشنطن التي تحشد لها مرتزقتها على أن يكون استثمار شركاتها في النفط السوداني بمنطق نصيب الأسد الذي صاغه الثعلب؟! إن الأسد بعد أن اصطاد مع الثعلب والضبع حماراً وظبياً وأرنباً قال للضبع قسِّم الصيد بيننا، فقال له الضبع: «الحمار لك والظبي لي والأرنب للثعلب» فكان مصيره القتل بيد الأسد. ثم يقول الثعلب المكلف بالقسمة بعد ذلك «الحمار لفطورك والظبي لغدائك والثعلب لعشائك». إن القصة الخيالية قديماً في المدارس تتحدث عن نصيبين للأسد وليس واحداً، فأيهما تريده واشنطن ليكون مهراً للسلام والاستقرار في حدود عام1956م؟!. لعلها تريد نصيب الأسد بصياغة الثعلب الجبانة.. لكن هذا سيحرم شركاتها حتى من نصيب الأسد الذي جاء في قسمة الضبع.. فلن تجد حمار النفط ولا ظبيه ولا أرنبه، ويبقى الرهان على رفع القدرات التسليحية والدعوات لثوار الجنوب بالنصر.