هجوم الجيش الشعبي لحكومة دولة جنوب السودان على هجليج خلّف العديد من الأسئلة من الخبراء والمحللين الاقتصاديين والسياسيين الذين ولا إجابة لما حدث سوى أن هدف دولة الجنوب من الهجوم تعطيل اقتصاد السودان، فمحاولات تعطيله بدأت منذ طباعة الجنوب لعملته «خفية» ودون علم السودان، ثم عمليات تزوير العملة السودانية الممنهجة، ثم قفل أنبوب نفط الجنوب كل هذه المحاولات كان الهدف الأساسي منها قصم ظهر اقتصاد السودان، والمسلسل لم ينتهِ بذلك؛ فقد كانت آخر حلقاته الهجوم على هجليج بغرض ضرب حقل النفط، الحكومة من جانبها قالت وبأكثر من مستوى أنّ حكومة الجنوب «تُنفذ» أجندة وسياسات خارجية هدفها ضرب الاقتصاد السوداني توطئة لزعزعة نظام الحكم في السودان، ما يؤيد هذا التفسير ما أفاد به أمس الأول د. عوض الجاز وزير النفط الذي قطع بأنّ تخريب منشآت النفط بهجليج تم بواسطة خبراء تم استجلابهم لهذا الغرض مشيراً إلى أن العمل الذي تم عمل مقصود ومدبّر والهدف منه تدمير المنشآت النفطية وإيقاف الإمداد النفطي للشمال، وفي ذات الاتجاه يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أن حجم الخسائر التي تعرضت لها المنشآت النفطية في هجليج لا يترك للتقديرات السودانية فقط مشداً على أهمية اللجوء إلى المحاكم الدولية التي ستقوم بالمعاينة والتقديرات وما إذا كانت هناك خسائر وهذا سيأخذ وقت كبير من الزمن، مشيراً إلى إدانة المجتمع الدولي للهجوم على هجليج ومطالبة الجنوب للخروج من هجليج، وقال قد يعترف الجنوب بتحديد الخسائر وهذا من بين القضايا التي يمكن الاتفاق حولها لعودة العلاقات إلى وضعها الأول وفتح مجالات الحوار من جديد وهذا طريق سيكون أقصر، وأضاف أن الطريقة الأمثل للمطالبة بالتعويضات تكون وفق القوانين الدولية المتعارف عليها أنها تمنح الحق في المطالبة بتعويضات نتيجة للعدوان والاعتداء على البلاد وأسفر عن ذلك بعض الخسائر، وهنالك قوانين إذا ثبت تورط المعتدي يقوم بدفع تعويضات، مثلاً عندما احتل العراق المنشآت في الكويت وفي الأخر أخرج بواسطة التحالف الدولي وألزم بدفع التعويضات، وأبدى سؤالاً إلى أي مدى يمكن للطرفين أن يدعم موقفه، بمعنى هل تستسلم دولة الجنوب بما يقوله الشمال بأن هناك اعتداء أو تدمير للبنيات الأساسية. وفي سياق متصل قال الخبير والمحلل الاقتصادي بروفيسور تاج السر مصطفى في الندوة التي أقامها مركز ركائز المعرفة أمس الأول «عن الآثار الاقتصادية المترتبة على الاعتداء على هجليج» إن القضية الاقتصادية بين دولة جنوب السودان والسودان كبيرة جداً مردها للإستراتيجية التي قامت عليها في مجال التداخل التجاري والمصالح الاقتصادية المشتركة التي حصرها في النفط والتبادل التجاري والموارد الطبيعية والخدمات وتبادل الخبرات، وأضاف أنها عناصر القوة التي يمكن أن تجعل الرباط رباطاً اقتصادياً بين الدولتين، وأوضح أن الجنوب في أمس الحاجة إلى كل السلع والخدمات الأساسية والضرورية بجانب حاجته إلى نقل البترول عبر الشمال ولا مخرج آخر له حتى ولو تم دعمه من المجتمع الغربي، مشيراً إلى الوضع الاقتصادي في السودان، وقال رغم المضايقات والحصار المفروض عليه يستطيع السودان تأمين حدوده رغم كِبر حجمها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.. مطالباً بوضع نظم وضوابط للتعامل مع قضية التبادل التجاري والاستيراد والتصدير، منادياً بضرورة إعادة النظر في البدائل الاقتصادية الداخلية وإيجاد تدابير تقشفية وتخفيض الإنفاق في المؤسسات الحكومية والتي تعاني الترهل لمعالجة القضايا الاقتصادية الداخلية ونشر الوعي المجتمعي في زيادة الإنتاج والإنتاجية وإيجاد إستراتيجية جديدة للتعامل مع الجنوب في القضايا الاقتصادية الشائكة.