تقول الطرفة إن الشايقي والجعلي كانا جيران في ذات المدينة الطرفية من ولاية الخرطوم.. ويقال إن المنافسة بينهما كانت مستعرة بحكم أنهما جيران.. والجيرة تؤدي إلى التنافس الحميد خاصة إذا ما تدَّخل العنصر النسائي في الأمر وأشعل نيران المقارنة الحادة بين الطرفين.. وقد أدى هذا التنافس إلى أن يحاول كل منهما تجويد أعماله وأفعاله وأقواله بما تكون محصلته هزيمة الطرف الآخر.. وتاريخياً يُقال إن التنافس الحادث بين الشوايقة والجعليين أصلاً سببه صلة القربى حيث إن «جعل» و «شايق» و «رباط» هم إخوة وبالتالي فإن مجموعة الجعليين الصغرى والشايقية والرباطاب هم في الأصل أبناء عمومة وتتكون منهم القبيلة «الجعلية الكبرى» والتي تتمدد في مساحة جغرافية تبدأ من الجيلي لتنتهي عند حدود الدناقلة والمحس.. والمهم أن الشايقي والجعلي كانا منافسين لبعضهما في الطعام والشراب وعزومة الضيوف وإكرام الوافدين.. ويبلغ التنافس أشدَّه عندما يقوم أحدهما بشراء ثوب أو شبشب لزوجته.. ففى ذلك اليوم فإن الطرف الآخر يكون «يومه أسود» لأن زوجته سوف «تدق جِرَس» وتفعل الهوايل و«تتكندك» بالرماد حتى يتم شراء ثوب أو جزمة بنفس المواصفات القياسية من حيث اللون والقيمة والشكل و«هلم جرَّا».. ويقال إن الشايقي كان قد وفق في إقناع أحد البنوك للتصديق له بسلفية لشراء لوري على طريقة صيغة المرابحة.. وإمعاناً منه في «مكايدة» الجعلي فقد أحضر اللوري أمام منزلهم وأوقفه محاذيًا تماماً للباب الذي يدخل منه الجيران وهو الباب الذي كانت تستعمله زوجة الجعلي ومن يَزُرْنَها من الجارات.. وبالطبع فقد اشتعلت الغيرة وزادت حدة التنافس خاصة وأن الشايقي كان قد أحضر أحد الخطاطين وطلب منه أن يكتب بالبنط العريض جملة «هجَّام فريق أم زين».. وكان غيظ الجعلي وزوجته على هذا الشعار أقوى من غيظهم على اللوري نفسه.. وبالطبع فإن «النار ولعَّت» و«حَمِيَ الوطيس» وانتشرت الأخبار بأن الشايقي اشترى اللوري «وختَّاهو» قدَّام باب الجعلي.. وكان ذلك دافعاً قوياً أن يقوم الجعلي بالبحث عن أحد البنوك للحصول على مرابحة وكتابة الشيكات المؤجلة ورهن اللوري لصالح البنك وقام الجعلي بإحضار اللوري بنفس المواصفات و«تقريشه» أمام الدار مجاوراً لمنزل الشايقي.. وبقي عليه أن يحضر الخطَّاط ليكتب الشعار الذي يمكن أن يغيظ به الشايقي.. وفكَّر الرجل في كثير من الشعارات مثل «السوَّاي ما حدَّاث» وشعار يقول «ماذا يعمل الحاسد مع الرازق» وشعار آخر يقول «أنا الكَلَس».. ولكنه وجد أن كل هذه الشعارات لن تغيظ الشايقي بالدرجة التي يرجوها ولهذا فقد طلب من الخطَّاط أن يكتب كلمتين فقط هما «هييييع يازول» وكلمة هيييع تُعبِّر عن «صوت فعل» مثل «كَعْ وطَقْ وتُووف» وتعني المبالغة في قوة الفعل وتأثيره.. وبعد انتصارات القوات المسلحة في هجليج وما سيأتي من انتصارات و«صلوات» في كاودا قريباً وجنوب النيل الأزرق وربما صلوات في ملكال وجوبا وتوريت لم أجد ما أعلق به وأعبر عن سعادتي وفرحتى بالقوات المسلحة غير أن أهنئ جيشنا واحداً واحداً قائلاً هييييييع...