يُجمع الكل بأن للإعلام دوراً مفصلياً في إصابة الأهداف وهو الذي يجعل الغامض واضحاً، والمعوج مستقيماً، والمختلف حوله يحظى بالقبول، وإن تباينت الرؤى وأتيح المجال واسعاً للمعارضات. والإنقاذ عندما بدأت مسيرتها، لم تغفل أهمية الرسالة الإعلامية، وهمت منذ سنيّها الأولى بمناقشة قضايا الإعلام في مؤتمر مازلنا نطلع على توصياته، التي إن تيسر لها التنفيذ على أرض الوقع، لأخرجتنا من غيابة الجب إلى فضاء الله الواسع ورحابة هذا العالم وبذا لا يستطيع أن يشكك في قدرتنا عندئذ فاجرٌ كذّاب. ولكن فيما يبدو، أن الدولة التي عزمت الإنقاذ على تشييد أعمدتها، والمجتمع الذي عنته، وهو المجتمع القائد، لم يجدا الاهتمام المطلوب إعلامياً بذات القدر الذي أشارت إليه توصيات مؤتمر الإعلام، حيث تتالت التحديات تترى، وانتصبت العقبات أمام جميع الأفكار والتوجهات، الأمر الذي جعل الأولويات تتداخل، ولم يكن من طريق لمعرفة ما هو الأول وماهو الثاني، إلا بمواجهة الطارئ والتخلص من مشكلة اليوم وصعوبة ما هو آت، دون الالتفات إلى ما ينبغي أن يتحقق وفقاً لما وضع من رؤى بعيدة وخطط كان يحيط بها الطموح. والإعلام طوال العقدين الماضيين، ظل يشتكي، معبرة عنه الكوادر والهيئات الناطقة باسمه والعاملة في مجاله، وهم جميعاً يجأرون بالشكوى بضعف ميزانياتهم وقصر أياديهم، بالرغم من أن المهمة الموكلة، والرسالة تلك التي أسند تصميمها وبثها وصياغتها لهم، هي رسالة لمواجهة مشكلات الحاضر، استهداء بعثرات الماضي، واستعداداً لصناعة المستقبل، وأن مضامين بمثل هذه، ما كان ينبغي أن تلقى من ولاة الأمر خاصة أولئك الذين يعلمون، مثل ذلك التهميش مما لا مبرر له في هذا العالم الذي يلعب الإعلام فيه الدور الحاسم في مجالي الحرب والسلم على نحو سواء. والتهميش لأجهزة الإعلام والعاملين فيها، لا شك يؤثر في الدولة ودرجة مواجهتها للتحديات، ويلقي بظلاله السالبة على المجتمع، جهلاً بالواقع وخروجاً من جميع الشبكات الخاصة بالمواكبة والتحديث، وذات التهميش يجعلنا نقول حقيقة، لكنها بفعله، تأتي متأخرة فلا يصدقنا أحدٌ لأن الكذب قد سبق الصدق، وكلنا يعلم بأن هذا العالم أصبح الكذب فيه تديره مؤسسات للإعلام تجد التمويل الضخم لنشر الإفك والترويج للترهات. وما الخبر الكاذب الذي تردده وسائط الإعلام الخارجية، بانسحاب قوات الحركة الشعبية من هجليج، ورواج ذلك إلا بسبب التهميش الذي جعل وسائل إعلامنا تتخلف عن بث الحقائق بهزيمة دولة جنوب السودان، وهو تلكؤٌ لا أجد له سبباً أو تحليلاً إلا بأننا كإعلاميين مهمشين فذاقت الدولة مرارة الذي لحق بنا من تهميش وفي البدء تكون الكلمة ضماناً لأعمالنا لتستقر في الصميم وليس العكس هو الصحيح.