كشفت البرامج التي تقدم بها مرشحو الرئاسة في مصر عن اهتمام محدود بالقضايا الخارجية سواء من حيث ترتيبها في البرامج الانتخابية أو من حيث المساحة في مقابل الاهتمام بالقضايا الداخلية الأكثر إلحاحًا وبدا للوهلة الأولى أن التنافر الإيديولوجي بين المرشحين سيؤثر في توجهاتهم الخارجية، لكن القراءة المتأنية في تصريحات المرشحين كشفت عن تقارب شديد في رؤاهم للتعامل مع القضايا الخارجية لبلدهم بحيث احتلت مبادئ استقلالية السياسة الخارجية والتوازن في العلاقات الإقليمية والدولية والعودة للدوائر الخارجية الأكثر اتصالاً بمصالح مصر الأولوية في خطاب جميع مرشحي الرئاسة تقريبًا حسب بعض التحليلات المصرية. ولكن الذي كان مفاجئًا لكثير من المتابعين خاصة في السودان الذي ينظر لهذه الانتخابات بأمل كبير في أن تُحدث نتيجتها تحولاً وتطورًا في العلاقات بين البلدين من خلال الرئيس القادم فإن التوقعات ذهبت في اتجاهات مخيبة للآمال بعد النظر في الموقع الذي احتله السودان في برامج بعض المرشحين وغيابه عند الآخرين، وأثار هذا الغياب أسئلة كثيرة تشي بعدم أهمية السودان، وعلل البعض سقوط الخرطوم من خارطة البرامج بالقول إن مصر دولة لها مؤسسات ولا تتغير سياستها بتغير نظامها. وكان عدد من السودانين رأوا في ندوة أقامها مركز دراسات المستقبل قبل أيام عديدة موسومة ب «من سيحكم مصر» أن نظرة المصريين للسودان ظلت طوال التاريخ المصري هي ذاتها ولم تتغير، وتفاوتت التوقعات لشكل العلاقه بين أبرز المرشحين للفوز وهم محمد مرسى وعمرو موسى وأبو الفتوح حيث رأى الكثيرون في حال فوز عمرو فإن الوضع سيبقى كما كان في عهد النظام السابق وأما حال فوز أبو الفتوح أومرسى وهما من التيار الإسلامي فإن مواقفهما لن تتجاوز التعاطف مع السودان وهو ما اقتربت إليه تحليلات مصرية رأت أن أطروحات كل من عمرو والفريق أحمد شفيق الأقرب للنهج التقليدي للسياسة الخارجية المصرية، نتيجة لانخراطهما في إدارة الشؤون الخارجية المصرية بدرجات متفاوتة، خلال توليهما مناصب رسمية في عهد مبارك، بما قد يؤثر في قدر التغيير الذي يطرحانه في الثوابت الرئيسة للسياسة الخارجية، بحيث قد يقتصر على الأبعاد الخطابية والأداء دون تغيرات هيكلية في التوجهات العامة. ولكن على الرغم من ذلك فقد ورد عند بعض المرشحين ما ينبئ باهتمامهم بالسودان على سبيل المثال المرشح د. عبد الرحيم ريحان وهو باحث أثري رفع شعار حق العودة للنوبة القديمة وأشار في برنامجه إلى أن ذلك سيؤدي إلى التكامل والربط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين شطري وادي النيل مطبقًا لاتفاقية الحريات الأربع بين السودان ومصر وأن الدولتين يجب أن تتعاونا لمواجهة التحديات التي تهدد مياه النيل، أما المرشح حمدين صباحي فقد عبر بوضوح عن اهتمامه بتكامل العلاقات والمصالح المصرية السودانية. عمرو موسى على الرغم من الآراء المتشائمة مسبقًا من تعامله مع السودان والتي استندت فيها إلى تجربته السابقة في خارجية بلاده والأمانة وقيادته للجامعة العربية إلا أن وثائق موقع ويكيلكس الشهير كشفت عن مواقف إيجابية للرجل تجاه قضايا السودان والمنطقة العربية حيث كشفت إحدى الوثائق عن مناداته لمساعدة السودان ضد مشكلاته في لقاء جمعه مع السفيرة الأمريكية مارغريت سكوبي وكان ذلك في العام 2008م وكشفت وثيقة أخرى انه في العام «2009م» دافع بقوة وأمانة عن موقف السودان وحذر أمريكا من التفكير في ضرب الخرطوم أو استهداف رموزه كما طالب بوساطة دولية كي يفضح بحنكة المخططات الأمريكية ضد السودان، ووثق الوزير المفوض والمستشار الاقتصادي والسياسي «دونالد إيه بلوم» في وثيقة بعنوان «مساعدات الجامعة العربية للسودان والصومال» المجهود الذي بذله موسى في الجامعة من أجل مساعدة البلدين وكيف أن دولاً عربية كبرى وقفت ضد تلك المساعدات وغير ذلك من الوثائق وقد جاءت مواقف الخارجية السودانية في وقت سابق قريبة من هذا إن لم تكن مواقف دبلوماسية وقتية حيث ثمن علي كرتي في زيارة لوداع موسى بعد مغادرته الجامعة العربية واستعداده للترشح لرئاسة مصر ثمّن مواقف موسى تجاه قضايا السودان.