تجرى عملية الانتخابات هناك، ويتناقش حولها الخبراء والمختصون هنا في السودان، وينتظرون نتائجها، ويختلفون حولها مثلما يختلفون حول قضايا وطنهم، ولكن في نهاية الأمر يتفقون على أن ما يجري في مصر وما ستؤول إليه أوضاعها يهمم أيضاً ويؤثر فيهم، مثلما يؤثر هناك، وبالتالي يضعون نصب أعينهم مستقبل مصر. بهذا الفهم وأبعد، نظم مركز دراسات المستقبل حلقة نقاش طرح فيها سؤالاً يقول: من سيحكم مصر؟ من خلال تحليل قدمه الباحث محمد أحمد عيسى، عرض فيه الأوضاع في مصر بعد تنحي مبارك، وما تم من إجراءات لكيفية انتقال السلطة الى حكومة ديمقراطية، وفقاً لانتخابات اكتمل جزء منها وفي انتظار أخرى تجرى الاستعدادات لها لاختيار الرئيس القادم، ويبدأ الاقتراع فيها من 23 24 مايو القادم، على أن يعلن عن الفائز فيها في التاسع والعشرين من ذات الشهر. وأفاض مقدم الورقة في شرح الأجواء التي اكتنفت فترة الترشح وعدد المرشحين، وما صاحبها من استبعاد وفقاً لحيثيات كثيرة عرضها بالتفصيل، إلى أن وصل إلى «13» مرشحاً هم الذين تضمهم القائمة النهائية، ورحج كفة اثنين منهم هما المرشح عمرو موسى والمرشح د. عبد المنعم أبو الفتوح. ويميل محمد أحمد إلى أن موسى هو المرشح الأوفر حظاً حتى الآن. السودان بين موسى وأبو الفتوح ورأى محمد أحمد أنه في حال فاز عمرو موسى برئاسة مصر فلا جديد سيحدث في العلاقات بين البلدين، نسبة لما سماه استمرار ذات المؤسسات التي كانت تدير العلاقة في فترة مبارك، ولكنه أشار لوجود فرصة أن يستفيد السودان من وضع موسى رئيساً، ومعرفته السابقة بقضايا وأوضاع السودان في المحافل الدولية إبان توليه حقيبة الخارجية المصرية والجامعة العربية، في مقابل تسويق مشروعات موسى الشخصية التي قال إنه لا يملك سواها، وهي إكمال سيرته الذاتية وتتويجها بلقب رئيس جمهورية مصر، والاستفاده من هذه في تحسين صورة السودان لدى المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي انتقده كثيرون عندما تساءلوا عما فعله موسى للسودان والمنطقة عندما كان أميناً عاماً للجامعة العربية. وبجانب ذلك أشار محمد إلى إمكانية حدوث نوع من التكامل الاقتصادي بين البلدين في حال فاز موسى، واستوحى تلك الفرضية من خلال ما برز في حملته الانتخابية من اهتمامات بتنمية الريف المصري وحديثه عما سماه «التنمية من جوبا للاسكندرية». وأشار مقدم الورقة إلى ما قال أنه أمر ذو تأثير على السودان، وهو حديث عمرو موسى عن خطط لتطبيق اللامركزية في مصر، ودعا إلى النظر في الآثار التي يمكن أن تمس السودان في هذه الخطط، خاصة في الجانب الذي يتعلق بخطط تقسيم المحافظات المصرية، وهنا يأتي الحديث عن حلايب التي دعا إلى إثارتها منذ الآن. ورأى أنه في حال فاز المرشح عبد المنعم أبو الفتوح فإنه سيتعامل مع السودان بثوبين «الإسلامي والثوري»، وقال إنه عندما يلبس أبو الفتوح الثوب الإسلامي فإنه سيتعاطف مع السودان، أما في حال لبس ثوبه الثوري يتوقع أن يتصادم مشروعه مع السودان، ووصفه بأنه سيكون مزعجاً باعتبار أن أكثر داعميه بهذا الثوب المرشح المنسحب د. محمد البرادعي والإعلام المصري، وهو التيار العلماني الليبرالي المعروفة مواقفه تجاه السودان. تحليلات مقدم الورقة ونتائجه التي خلص إليها وتأثير ذلك على السودان، اختلف معه حولها عدد من المعقبين، بينهم البروفيسور أبو الحسن فرح الذي رأى أن الأمر برمته قضية مؤسسات وقضايا يتفق أو يُختلف حولها، وليست قضية أشخاص. ودعا للنظر في كيف تحكم مصر. ومن جانبه قال البروفيسور عبد الله حمدنا الله: «إن الإجابة على كيف ستحكم مصر؟ ستحدد من سيحكم مصر؟» إلا أنه دعا للنظر للمسألة من خلال إطار أوسع حدده في استفهام يشير إلى مرجعية ثقافية مفادها .. إذا تغير رئيس الجمهورية في مصر هل ستتغير طبيعة الشخص المصري الموجودة أصلاً أم لا؟ ومع ذلك أشار إلى أن أبو الفتوح يقدم برنامجاً إسلامياً ثورياً عصرياً سيجد تعاطفاً كثيراً من السودانيين، وتوقع أن يكون له أثر في السودان. وعلى عكس هؤلاء جاءت توقعات اللواء «م» عبد الرحمن أرباب مرسال والصادق بابو نمر اللذين اعتبرا فوز أي من المرشحين وبالاً على السودان. وتساءل أرباب قائلاً: « هل تغيرت نظرة المصريين الدونية لنا؟».