التأم شمل رؤساء تحرير صحف الخرطوم السياسية السيارة لمناهضة قرار وزير العدل الجائر بإقامة نيابة متخصصة للصحافة بولاية الجزيرة بعد الأوامر القضائية التي صدرت بحق بعض الصحف ليس خوفاً أو رفضاً من الاحتكام للقانون ولكن لسد الباب الذي سيدخل الكثير من الرياح لتضييق الخناق أكثر على حريتها، وفي ذات الوقت إعلانهم للجلوس في طاولة نقاش مع وزارة العدل على أمل التراجع عن قرارها..هذا الإجماع خرج ببيان موحد من الصحف واشتماله على عدة فقرات أهمها رفضه إنشاء نيابة للصحافة خارج ولاية الخرطوم باعتبارها مقر المؤسسات الصحفية والمطابع وشركات التوزيع، وتناقضه مع وزير العدل السابق في هذا الشأن، إضافة إلى مناهضة القرار بكل السبل المتاحة وعدم الامتثال له، كما تضمن رفضه لأشكال المضايقات كافة على الصحف والحد من حريتها وتبنيه لعدد من الخطوات لتصعيد القضية في حال عدم استجابة وزارة العدل لإلغاء قرارها.. وُوجه قرار وزير العدل بموجة حادة من الانتقادات داخل الوسط الصحفي لما فيه من إجحاف وتضييق على الحريات والتي لخصها د.محيي الدين تيتاوي رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بأن الاتحاد استنكر هذه الخطوة وطالب بالعمل وفقاً للمنشور الذي أصدره وزير العدل السابق عبد الباسط سبدرات وإقراره فيه أن تكون النيابات بولاية الخرطوم، ومآخذ هذا القرار وفق تحليلي الشخصي أن هناك بعض الولاة الذين تضايقوا من النقد والأخبار التي يبعثها المراسلون وغير مكتملة الجوانب والتي هي من أولويات مهام رئيس تحرير الصحيفة المعنية.. وبالنظر لحيثيات القرار نجد أن أبعاده تتخطى حدود قوانين الصحافة والنشر والمواثيق والحريات خاصة وأنها «أي الصحافة» تواجهها تحديات مختلفة والتي يرى بعض المراقبين أنه لا بد من وجود حريات واسعة للصحافيين لأن ذلك ينعكس على أداء المؤسسات الصحافية بشكل إيجابي، والتي يعتقد الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار أن أبرز وسائل تضييق الخناق على الصحف انتشار البلاغات الكيدية ضد الصحف من مختلف ولايات السودان، وأن قرار وزير العدل الأخير والذي أعلن بموجبه فتح نيابات للصحافة في الجزيرة وهو مجرد قرار مكتبي لفتح هذه النيابات مما يسئ للمهنة والصحفي لأنه ستصبح هناك أوامر قبض لرؤساء التحرير والصحفيين وترحيلهم لهذه الولايات، واستدرك بحدة أنهم سيقفون ضده خاصةً وأن هذا الإجراء القصد منه تعطيل عمل الصحافة والتي إن لم تستطع الدفاع عن نفسها فلن تستطيع الدفاع عن المواطنين ووضع مزيد من التعقيدات لعمل الصحافة حتى لا تنشغل بقضايا الناس والوطن، والآن نحن بصدد قيام حملة شاملة لكل الصحف وتصعيدها للاعتصام أمام الوزارة ورفض تنفيذ قرارات النيابة. إذن يبقى أمر فتح نيابات للصحافة بالولايات تحدياً صعباً يواجه قادة العمل الصحفي على وجه الخصوص والتي وصفها الأستاذ يوسف عبد المنان الكاتب المعروف بقوله «حين يرفض رؤساء التحرير قرار إنشاء نيابة ود مدني التي تؤسس «لبهدلة» الصحافة وإخراس صوتها، حتى لا تكشف سواهي ودواهي الحكم الاتحادي، وتجاوزات الولايات، وأي ادعاء بأن النيابات الولائية تم تأسيسها لمصلحة المواطنين كلام فارغ، فالمواطنون مع الصحافة لا ضدها». بينما يرى البعض أن إنشاء نيابة للصحافة بولاية الجزيرة في ظل وجود كل الصحف بالعاصمة تُعد سابقة ستليها أخرى بكل الولايات، وبالتالي تفريغ رؤساء التحرير لملاحقة النيابات على مستوى جمهورية السودان وإلهائهم عن عملهم، فهو قراراً لا يستوي عقلاً ولا يوجد منطق يسنده، وأن إجماع رؤساء تحرير الصحف لمناهضة هذا القرار إجماع سليم لأنه من التحديات التي تؤدي إلى إقعاد الصحافة وممارسة دورها الأساسي، وبهذا هم يحافظون على حقوقهم للمحاكمة في أماكن نشر صحفهم، وهذا ما جعل الأستاذ هيثم عبد الرحيم المحرر العام بصحيفة الرائد يلقي الضو «لدى مهاتفته الصحيفة» حول أن الصورة العامة للكل أن الصحافة خصم على السلطات التنفيذية والأكثر خطورة أن هذه الولايات تعتقد أنها بعيدة عن مجهر الرقابة ولذلك وجود أي دور للسلطة الرابعة في مراقبة أداء الولايات يُقابل برد فعل عنيف جداً، وهذا ما دفع ولاية الجزيرة للاجتهاد بعمل نيابة للصحافة بودمدني وأعتقد والحديث لهيثم أن السبب يعود إلى أن أغلب قضايا الفساد التي طفت على ظهر أوراق بعض الصحف بعينها في مختلف المجالات من زراعة ومعداتها والمبيدات الفاسدة وعطش مشروع الجزيرة وبيع أصول المشروع وهيمنة النقابة على بيع المحاصيل وتسييل المشروع نفسه يمثل أكبر دافع للمطالبة بالنيابة لمحاولة حماية أنفسهم من رقابة السلطة الرابعة.. ومازالت الأيام حبلى بالكثير من المفاجآت والعثرات التي تضعها السلطات التنفيذية لعرقلة العمل الصحفي وكبت الحريات الصحفية بإصدار مثل هذه القرارات والتي دون شك تصب في إخفاء الأجندة الخاصة وراء القوانين ووضع الصحف في ثالوث المذلة والإهانة والظلم.