للحكاية بقية..تروي بعضا منها .. هنادي عبد اللطيف 25/5/1983 تاريخ ما يزال عالقاً في أذهان الكثيرين ممن كانوا ضمن ركاب الباخرة المصرية «العاشر من رمضان» بعضهم كان عليه أن يطوي آخر صفحات عمره والبعض الآخر كُتِب له عمر جديد، بلغ عدد ركاب تلك الباخرة «642» راكباً منهم «548» سودانيا و«48» مصرياً. لقي أكثر من «300» سوداني حتفهم. وبعد أكثر من «27» عاماً على هذه الكارثة قام محامٍ مصريٍّ برفع دعوى لتعويض الضحايا والمتضررين ضد شركة وادي النيل للملاحة وهي شركة سودانية مصرية، هذه القضية تعتبر أطول قضية في المحاكم، وذلك بحسب المحامي المصري كمال محمد موسى الذي قام برفع الدعوى إذ أضاف في حديثه ل «الإنتباهة» إن هذه القضية تعتبر من أطول القضايا نسبة لأنها رفعت بعد أيام من الحادث أي قبل «28» عاماً بعد أن كانت مدنية تم تحويلها إلى جنحة ثم حكمت المحكمة بإدانة الشركة وبإلزامها بدفع التعويضات لأسر الضحايا.. لكن قبل ذلك كانت المحكمة تتعامل مع لجنة فنية لمعاينة مكان الحادث ومن خلال هذه اللجنة ثبت أن الحادث جاء بفعل فاعل وليس قضاءً وقدراً كما يدعي طاقم الباخرة. من الحادث الذي راح ضحيته ما بين «319» إلى «350» أي أكثر من ضحايا سفينة تايتنك الشهيرة..أما عدد المتضررين فهو «320» فالتعويض يشمل أسر المتوفين والمتضررين مادياً ونفسياً ومعنوياً. ويشير الأستاذ كمال إلى أن القضية من الناحية الجنائية حسمتها المحكمة بعد أن أدانت الشركة وألزمتها بالتعويض للضحايا والمتضررين ولكن الشركة ظلت حتى الآن تماطل ولم تقدم قائمة أسماء المتضررين المستحقين لمبالغ التعويض تارة بحجة أن المخازن احترقت ولا تملك كل القوائم لحادث مر عليه «27» عاماً وتارة أخرى بحجة أن الأسماء التي قدمتها المحكمة غير مطابقة مع الجزء الذي وجد من الأسماء التي بحوزتها.. هناك كمية من التناقض في تصريحات الشركة الغرض منها المماطلة على سبيل المثال عند إحضار التوكيلات طعنت فيها الشركة واستأنفت لمد فترة القضية لسنوات وسنوات حتى ييأس الناس منها.. الناجون من الحادث علي محمد عبد الفتاح أحد الناجين من تلك الحادثة قال ل«الإنتباهة»: كُتِبَ لنا عمر جديد، ففي هذه الحادثة رأينا الموت بأم أعيننا ورأينا كل من كان في المركب وهو يحاول النجاة من النار التي تحيط بالمكان ومن استطاع أن يهرب من النيران وجد مياه البحر ورأينا الجثث التي التهمتها النيران.. وما يؤسف حقيقة أنه بعد اشتعال الباخرة كان من الممكن إنقاذ كل من لقوا حتفهم وذلك بفصل الصندل المحترق عن الجزء الآخر ولكن طاقم الباخرة لم يحاول فعل أي شيء ولاذ بالفرار لذلك معظم الضحايا ماتواً حرقاً وهم نيام لأن النيران بدأت تشتعل في منتصف الليل حوالى الواحدة وعشرين دقيقة، ويضيف: على أن الباخرة كانت محملة بمواد بترولية كبيرة الأمر الذي أدى إلى سرعة اشتعال الحريق. ويؤكد محدثي الذى يملك كل المستندات والصحف التي نشرت كل أسماء الضحايا والناجين من الباخرة التي تحصلت عليها من الشركة المالكة للباخرة التي نشرت في وقتها كلَّ من كان على متن الباخرة، وذلك لأن الشركة المالكة وهي شركة وادي النيل للملاحة رفضت دفع التعويضات بحجة عدم وجود كشوفات بأسماء من كانوا بالباخرة. خضر طه سهيل «79»عاماً أحد الناجين من الباخرة «10 رمضان» يحكي قصته بقوله: «أصيب ابني عوض بكسر في الرجل نتيجة حادث حركة أليم وبعد مقابلة الاختصاصي قرر إجراء عملية في الرجل بعد عناء وجهد شديدين وجدنا مقعدين في الباخرة المنكوبة، في مقاعد في الطابق الأسفل»، يقول العم خضر إن مشيئة الله وقدرته هي التي أنقذتهم من الموت فابنه الذي لا يستطيع الحركة إلا بواسطة عصا كيف يمكن أن قدِّر لهم الحجز في الطابق العلوي أن ينجو من موت محقق، يواصل العم خضر حكايته بقوله: «احترقت الباخرة ونحن لا نعرف السباحة فأيقنا أننا إن نجونا من الحريق فلن ننجو من الغرق.. فأحسسنا بالموت يحاصرنا من كل الجهات.. فأصبحنا نردد الشهادة ونقرأ سورة يس وآية الكرسي حتى تمكنت من كسرالشباك الذي يتجه نحو الجبل... فحملت ابني على ظهري ووصلنا الجبل وصوت الضباع والثعالب وعقارب الجبال تحيط بنا من كل جانب ولكن الحمد الله جاءت النجدة ونجونا على الرغم من ضياع كل ما نملكه حتى أوراقنا الثبوتية والبضاعة التي دفعنا فيها كل ما نملك.. الأمر يحتاج التفاتة من الحكومة، فلا يعقل أن تضيع حقوق الناس مثلما ضاعت أرواحهم سمبلة.