دار جدل كثيف بين المختصين حول مستقبل زراعة القطن المحوَّر وراثيًا بالبلاد وانقسم الناس بشأنه، وغالبًا ما لا تتوفر لدى الحكومات سياسات متماسكة بشأن الكائنات المحوَّرة وراثيًا، فضلاً عن أنها لم تعد صكوكًا تنظيمية وبنى تحتية ملائمة ولم تضعها موضع التنفيذ بعد، ومن هنا فليس هناك إجماع في الآراء في أكثرية البلدان بشأن كيفية مواجهة التكنولوجيا الحيوية والمحاصيل المحورة وراثيًا بشكل خاص للتحديات الرئيسة في قطاع الغذاء والزراعة. ومحلياً يرى العديد من المهتمين في مجال الزراعة عقب إعلان وزارة الزراعة زراعة القطن المحور وراثيًا والذي تم تجريبه في مناطق النيل الأزرق والجزيرة في مساحة تبلغ «150» ألف فدان بتمويل من المالية بلغ «100» مليون جنيه باعتبارها تجربة حيث أدت إلى ظهور مشكلات بيئية كثيرة مما أدى إلى تخوف العديد من المزارعين واعتبرها العديد مهددًا أمنياً للبيئة بتلك المناطق، ولكن دافع البعض عن إدخال القطن المحور للبلاد بعدم تأثيره على صحة الإنسان، ويدعم ذلك الاتجاه وزير الزراعة د. عبد الحليم المتعافي الذي يرى أن إدخال القطن المحور لا يحتاج لرش، وأكد زراعة «150» ألف فدان منه خلال الموسم بعد إجازته الأسبوع القادم من قبل مجلس السلامة الحيوية مشيرًا إلى أن أهم عنصر لتدهور القطن في السودان يرجع لإصابته بالدودة الأمريكية مبينًا أن المحوَّر يقلل استيراد الكيماويات ما أدى شركات المبيدات لمحاولة منعه من دخول البلاد وكشف عن إلغائهم اعتمادًا بمبلغ «13» مليون يورو لاستيراد المبيدات لإبادة الدودة الأمريكية. بينما يرى الاتحاد العام لمزارعي السودان أن القضية ليست ذات أهمية حيث امتدح أمينه العام غريق كمبال في حديثه ل«الإنتباهة» القطن المحوَّر وقال إنه يؤدي إلى رفع الإنتاجية عبر التجارب التي أُجريت في العامين الماضيين في كل من الجزيرة والنيل الأزرق، مبينًا أن الاتحاد يتطلع إلى زيادة الإنتاجية عبر زراعة آمنة لا تضر بالبيئة أو الإنسان مشيرًا لاتجاه الدولة لاستيراد كمية من القطن خلال الأيام القادمة تبلغ «500» طن من دولة الصين. وذكر رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعية محمد عثمان السباعي ل«الإنتباهة» أن مجلسه وبعد نقاش مستفيض مع العلماء والباحثين داخل وخارج المجلس في موضوع زراعة القطن المحور وراثياً توصل إلى أن إجازة أي صنف محور وراثياً يجب أن تتم وفق قانون السلامة الحيوية وأن يُجاز الصنف من المجلس القومي للسلامة الحيوية إيفاء للاتفاقات الدولية وأن الصنف بعد اكتمال إجازته يراقب لعدة سنوات في مزارع هيئة البحوث الزراعية للتأكد من ملاءمته للبيئة السودانية وعدم حدوث أية مخاطر بيئية أو حيوية تهدد الإنسان أو الحيوان. بالمقابل حذَّر خبراء من خطورة الموقف في الوقت الراهن ما لم يتم إخضاع القطن إلى تجارب البحوث للبت فيها عبر الجهات المعنية كمجلس السلامة الحيوية، وأجمع المتحدثون في ورشة المحاصيل المحوَّرة وراثيًا أن الآلية التي تحسم العمل هي الضوابط عبر القانون ووصفوا ما تم مؤخرًا دون وضع خطط مدروسة وخلل في المسائل الإدارية مما أدى لظهور تلك الإشكالات بصورة واضحة وقطعوا أن الحل يكمن في العودة للضوابط وفق آليات القانون. وتدرك منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على حد سواء كلاً من القدرة الكامنة والهائلة وكذلك التعقيدات التي تصاحب هذه التكنولوجيات الجديدة التي أصبحت محل جدل، وبشكل خاص يجب أن يتم تقييم المحاصيل المحوَّرة وراثيًا من حيث تأثيرها على الأمن الغذائي والفقر والسلامة الحيوية والزراعة المستدامة ويجب ألايكون ذلك بصورة منعزلة وإنما بصفتها إنجازات تقنية بكل بساطة يتم دراستها بشكل صحيح.