هاتفني عدد كبير من الإخوة الذين تدفعهم الغيرة نحو هذا الوطن، حرصاً على أمنه وسلامته ورفاهية شعبه، وكلهم دون استثناء عبروا عن إشادتهم بما ورد في هذا الباب من ملاحظات، وهي كما أشاروا من قبيل النُّصح الذي لا يوجه إلا لمن يهمنا أمره، ويسوؤنا تنكبه للطريق بفقدانه لمفاتيح الأبواب، وما تم إغلاقه منها بإحكام. والذين اتصلوا بي أضافوا جديداً، وهو الذي نأمل أن يكون مما سيسهل على الوالي القدرة على اختراق قضايا أهل هذه العاصمة بالقضاء على أزمات الحياة بها باستجلاء الحقيقة على أرض الواقع، وتشخيص الداء بناءً على معلومات أكيدة، وبيانات تتسم بالدقة، ونصيحة تطرق الباب لمن توجه إليه مباشرة دون بهرج أو طلاء، أو اتباع لسبل ملتوية تلعب فيها مجموعات الضغط وحلقات التآمر عناصر تجعلها موضوعاً لسوء التفسير فتقع موقعاً خاطئاً بحيث لا تجد التقدير والاعتبار. ومن تلك الإضافات فإن أغلب الذين علقوا على ما كتب بهذا العمود الصحفي، أثاروا قضية محورية حول النهج الذي ينبغي أن تتبعه الولاية في اختيار مساعدي الوالي من وزراء وغيرهم من الذين يشاركون سياسياً في حكم الولاية. وكانت المسألة ذات التركيز تتصل بعدم ضرورة خضوع هذه العاصمة إلى الموازنات السياسية وحشدها بشخصيات حزبية، لأنها عاصمة للخدمات، والتقاء المصالح، ونموذجٌ حضري يعبر عن لوحة فنية بديعة لجميع أهل السودان.والمسألة الثانية، التي ينبغي ألا يتم تجاوزها هي ألا يرشح أحد لشغل منصب سيادي أو دستوري في هذه الولاية بناءً على ترشيحات فردية أو رغبة أملتها أمزجة، بقدر ما يكون الترشيح منطلقاً من القواعد، بمعنى ألا يقدَّم شخص إلى قيادة محلية أو سدة وزارة ما لم يجد التثنية من سكان هذه العاصمة، لأنهم رأوه وخبروه كادراً عاملاً وسط المواطنين منذ أن كانت الوحدة الرئيسة في العمل الشعبي، هي اللجنة الشعبية، والنَّاس حتى هذه اللحظة يتذكرون أولئك الناشطين الذين نظموا ما شهدته هذه العاصمة من مؤتمرات، وما كان يمور فيها من نشاط لم تستطع أية محلية من محليات الخرطوم الحالية بلوغ ما كانت عليه، لأن ذلك النظام القاعدي قد أهيل عليه التراب، وضاعت كوادره اليوم بأثر الزحام من قبل أشخاص قد صعدوا بقدرة قادرٍ، دون كسب اكتسبوه أو رصيدٍ شعبي أهلهم للصعود، وتلك علامات للتعجب والاستفهام من شأنها أن تجعل الأصل هو الاندهاش، والاستثناء هو عندما يوسد الأمر لأهله وتوهب السلطة لمن له المقدرة على تقديم الذي يناسبها من استحقاق. ولو كنت والياً للخرطوم لما أجزت قبول شخصية في قيادة الولاية، إلا إذا كان حائزاً على رصيدٍ شعبي، تتحدث به الجماهير، بدءاً بالحي وانتهاءً بما أسهم به في حقل الدعوة، فسارت بمدحه والإشادة به فئات المجتمع، لأنها هي القلب النابض والشريان الذي يمد القيادة بعناصر البقاء، ويضمن الفعالية لما نرغب فيه من حياة. ولا يجوز الصلاة خلف إمام والناس له كارهون، ومن أحبه النَّاس خضعوا لسطانه، ومن كرهوه شقوا عليه عصا الطاعة وإن كان العسل يجري سائلاً بين شفاههم، لأن النفس لا ترضى إذا كان الأمر فقط يتصل بالشفاه والبطون.