الدندر :أحمد يوسف التاي جعفرباعو كان لافتًا للنظرتقاطُر الوفود الشعبية على دار ناظر رفاعة بمنطقة الدندر بما يوحي بحدوث أمر جلل، فكان لابد من استطلاع الأمر، ومعرفة ما يجري، هناك، اقتحمنا جمهرة الناس هناك فنما الى علمنا ان ثمة مخاوف ومحاذير برزت إزاء مشروع الري المحوري بمنطقة الدندر، وهو مشروع زراعي كبير يعمل بالري المحوري، يتبع لإحدى مجموعة شركات البرير في مساحة تبلغ ما يقارب ال«140» ألف فدان تقريبًا في مناطق شمال وشرق الدندر، وتم الاتفاق فيه مع المزارعين أصحاب الأرض على إيجار الأرض لمدة 25 عامًا على ان تدفع إدارة المشروع ثمن ثلاثة جوالات ذرة للفدان الواحد في كل عام بالسعر الجاري، تردد المزارعون في بادئ الأمر إلا انهم اقبلوا على العرض رغم تحفظاتهم على مدة ال«25» عامًا مدة عقد الإيجار، المهم انقضي العام الأول بسلام في منطقة شرق الدندر، وجاء امتداد مشروع «الدويرة» بمساحة «111» ألفًا ومن هنا تسابق الناس وظهر الصراع على الأرض، فهناك عناصر لاعلاقة لها اصلاً بالزراعة، هم تجار ورأس مالية، يريدون ان يتغولوا على أرض البسطاء اصحاب المصلحة الحقيقية بآلاف الأفدنة، وهؤلاء هم موضع تحذيرات معظم المزارعين وهناك من له بضعة أفدنة تركها منذ عشرات السنين، ثم عاد اليها الآن بأفكار أستثمارية وأطماع توسعية، وبين هذا وذاك ظهر نزاع بين المزارعين أنفسهم حول الأرض والحدود بشكل يُتوقع معه حدوث فتنة، ومشكلات ربما تزهق بسببها ارواح بريئة، وطبقًا لهذا برزت محاذير ومخاوف في أوساط الشارع العام وعبر عنها قيادات الإدارة الأهلية بالمنطقة واتحاد الرعاة، والمزارعون، ولجنة الحقوق التي تشكلت للتعامل مع إدارة المشروع، فإلي التفاصيل: تغول واحتكار يقول العمدة حسن الرضي الجعفري: الآن يوجد خلاف حاد بين المواطنين حول الأراضي، وسبب هذه الخلافات هو مشروع الري المحوري، وهو مشروع تابع لإحدى مجموعة شركات البرير يمتد من نهر الدندرعلى بعد سبعة كيلومترات ويمتد الى ناحية الشمال و الشرق، وعندما اتى المشروع معظم الناس رحبوا به، وعقدوا اجتماعات مع الولاية وتشكلت لجان وشارك فيها بعض المواطنين ولكن نحن كإدارة أهلية لم نستشر في الأمر ومغيبون تمامًا، والآن الناس تأتينا وفودًا، وفدًا بعد وفد لحل الإشكالات الماثلة وقد حذرنا مما حدث الآن من خلافات وفتنة بسبب هذا المشروع بين المواطنين، المشروع بدأ بحفر آبار في مناطق واسعة إلا أنه على ما يبدو أن التكلفة كانت عالية وربما ان الفكرة في طريقها الى التراجع، طبعًا هذا لا يعنينا لكن الذي يعنينا هنا هو ان الفكرة التي ننادي بها ترتكز على شق قنوات ري من الترعة الحالية «ترعة الرهد» ويقام المشروع ويستفيد منه المواطنون أهل الحاجة لهذه الخدمة لكن الناس البسطاء هم خارج خط المشروع وأصحاب «المصالح» هم الذين يهيمنون على الأمر برمته.. المشكلة الآن ان المواطنين الذين ليست لهم اراض زراعية اصلاً يريدون الآن امتلاك اراضٍ. ويواصل العمدة الرضي حديثه: ولهذا الأمر اصبح الناس يتكتلون في شكل مجموعات أي اهل كل منطقة يتكتلون ضد المنطقة الأخرى، وهذه التكتلات وهذه الخلافات والصراع على الأرض ظاهرة جديدة لم تكن موجودة لولا ظهور المشروع، وربما تؤدي الى فتنة ونزاعات حول الاراضي لا تحمد عقباها، وكما شاهدت بنفسك الآن كثرة الوفود القادمة الى دار الناظر «صلاح المنصور»، للوصول ال« حلول لهذه النزاعات عن طريق الإدارة الأهلية ولعلك سمعت بالنزاع الذي حدث قبل ايام بين بعض المواطنين واحتوته السلطات، سمعت ان بعض السلطات وجهت المساحين بالمسح، والمساحين دعوا المواطنين للحضور لأراضيهم لإجراء المسح وهذا خلل كبير، ففي ظروف الخلاف الحالية يمكن ان تحدث فتنة لأن الخصوم سيلتقون على الأرض وتحدث المشكلة... ويضيف: نحن منذ البداية لدينا تحفظات على هذا المشروع ونرى ان العقد المحدد ب«25»عامًا فيه إجحاف للمواطن، رغم أننا من حيث المبدأ لسنا ضد الاستثمار العادل الذي يأخذ بيد المواطن، وكإدارة أهلية نرى ان تكون هناك عدالة في توزيع الخدمة بحيث يستفيد المزارع والراعي ونحوه بأن يمتلك كل فرد حواشة أوحواشتين، ويكون مشروعًا إعاشيًا للمواطن وتستفيد منه الدولة أيضًا، وحتى تكون هناك تنمية حقيقية للمواطن البسيط، وليس عملية احتكار لصالح أُناس مقتدرين للواحد منهم اكثر من ألف فدان، ونحن نرى ان السواد الأعظم متضرر، لذلك لابد من مشروع إعاشي تتساوى فيه فرص التنمية لكل المواطنين، ويكون الري انسيابيًا من الترعة. غياب عدالة وفي مقابل ناقوس الخطر الذي قرعه العمدة حسن الرضي قلل قاسم محمد البشير الفكي الامين العام للجنة الحقوق من خطورة المشكلات الموجودة لكنه لم ينكر وجودها، وقال: اولاً المشروع المقترح كان مساحته «111» الف فدان وبدأت المرحلة الأولى ب «40» الف فدان، وتوصلنا مع الجهات المسؤولة لتحديد العلاقة بين المزارع وادارة المشروع وتقرر للفدان الواحد «3» جوالات ذرة، وأنا هنا أختلف مع أخينا العمدة حسن الرضي في مسألة توزيع الارض إذ لا يمكن ان يعطى شخص اصلاً ليس له ارض، وأعتقد ان في ذلك ايضًا عدم عدالة ولا يمكن ان يعطي الواحد ارضه لشخص لم يمتهن الزراعة اصلاً، وأنا في تقديري ان المشكلات الحاصلة حاليًا في نطاق محدود جدًا في ثلاث قرى، وهذه المشكلات مقدور عليها... وعن المشكلات المحتملة بسبب الحدود بين المزارعين بعد نهاية مدة العقد قال الفكي: هذه يمكن ان تحل عن طريق اجهزة «الجي. بي.إس» وتحديد خطوط الطول والعرض، وأضاف: صحيح اليوم توجد إشكالية بين القرى في الحدود ولا شك ان السبب هو المشروع لكنها مشكلات طبيعية، ونحن لا ننكر وجود المشكلة ولكن يمكن حلها، وضمّنّا في العقد ان تدفع إدارة المشروع ال«3» جوالات للفدان لمدة ال «25» سنة ولو انسحبت الشركة في عامها الأول، وهذا ما حدث في مشروع الدويرة، وهو بخلاف مشروع الري المحوري بشرق الدندر. تجنب الصدام المحتمل أما رئيس اتحاد الرعاة البدري العجبة، فيقول: نحن نسعى من خلال تحركاتنا الحالية لتحديد مسارات للرعي لتلافي اية مشكلات من المؤكد حدوثها مع المزارعين إذا لم نعالج الامر من الآن، والمشكلة الأساسية الآن هناك عناصر ليست لها اراض زراعية وتريد ان تتغول على الأرض، وقد تحدثت مع الجهات الفنية لتحديد مسارات للرعاة مؤدية الى البطانة، ومعروف ان هذه الجزيرة «مكان المشروع» تعتبر هي البطانة الثانية وهي منطقة للرعي، وعندما شحت الامطار العام الماضي كانت هذه المنطقة مركزًا لرعي الحيوان، الآن ثروتنا الحيوانية في المنطقة تشهد نموًا مطردًا والرقعة الرعوية باتت تضيق شيئًا فشيئًا وهنا تكمن الإشكالية، فلا بد من العمل على تجنب اي صدام محتمل، لذلك نحن لسنا ضد الاستثمار الزراعي لكن في نفس الوقت ننادي بضرورة مراعاة حقوق الرعاة وحيواناتهم في الرعي، نحن مع رغبة اهلنا طالما اختاروا مشروع الري المحوري لكن لازم ينظر الى الامر من زواياه المختلفة حتى لا تتضرر بقية الفئات الاخرى.. تمليك الأراضي للمواطن وأكد الدكتور منصور يوسف العجب عضو هيئة القيادة بالحزب الإتحادي الديمقراطي «الأصل»، وزير الدولة بوزارة الخارجية ضرورة تقنين الأراضي أولاً وتمليكها لأصحابها، ثم تأتي بعد ذلك مسألة الشراكة، وقال العجب في وقت سابق ل «لإنتباهة» إن مفهوم التنمية حتى في الأممالمتحدة يقوم على مبدأ المشاركة العادلة مع المواطن مشيرًا الى ضرورة المشاركة الحقيقية، وأضاف الدكتور منصور أن المنتفع من هذه العملية لابد أن تتم مشاورته في طريقة الإدارة ونوعية المحاصيل المراد إنتاجها وفي عملية الموازنة بين المحاصيل النقدية والغذائية، مؤكدًا ضرورة ان تكون الدولة مجرد وسيط بين المزارع والمستثمر.. وقال العجب إن المشروع الذي يدور حوله الجدل الآن هو آخر ما تبقى للعرب الرحل من مرعى واستقرار لهم، داعيًا الى أهمية الحوار لإنهاء هذه المشكلة، مشيرا الى عدم أهمية الحديث عن عدم وجود شهادة بحث لهذه الأراضي وقال إن ذلك لا يُفقد المواطن حقه مؤكدًا أن هناك «ملك حر» لهذه الأراضي منذ مئات السنين سبق قانون 74 الذي يشير الى ملكية الدولة لهذه الأراضي مما يستوجب عدم تطبيقه على ذلك الملك القديم، مشددًا عل« ضرورة الحوار مع المواطنين.. وأشار العجب الى طول مدة العقد بين المستثمرين والمزارعين والبالغة «25» عامًا فيما يتصل بمشروع الري المحوري، وقال إن مدة «25» عامًا كثيرة جدًا، داعيًا الى استثمار يفيد المواطن وليس العكس.