إن مجرد الكتابة شيء، وأن نبدع فيما نكتب شيء آخر.. وعلينا أن نبحث عمن يحدث الفرق! لهذا الوطنْ معمدة!! جبهتي بالحَزَنْ، ومنذورة!! كلُّ لحظةِ شِعرٍ.. وميلادِ أُّغنيةٍ.. أو شجنْ، لهذا الوطنْ معمدة!! كلُّ رعشةِ حبٍ..، وكلَّ ابتساماتِ هذا الزمنْ، ومنذورة!!.. كلُّ أيامِ عمري.. فما كان منها... وما لَمْ يكنْ، لهذا الوطن. تغنى بها الراحل سيد أحمد الحردلو؛ ولكن دوماً.. أن نبدع شيء وأن نتنعم بإبداعنا شيء آخر! أن نعيش أيامنا شيء وأن نتذوق طعمها شيء آخر! زرنا شاعرنا الحردلو في محنة المرض وحينها قدم لي ورقة بها تفاصيل موقع ومساحة منزله بأركويت مربع «61» الذي كان معروضًا للبيع بخطوط عريضة على جدرانه من الخارج ومنذ مدة!!، ومع منزله عرض عربته للبيع كذلك! وبحسب رؤيته وأهل بيته أن يبيع المنزل ويشتري آخر بسعر أقل ومكان مختلف حتى يوفي التزاماته الأسرية والعلاجية التي لا تحتمل التأجيل!. لا أنسى ذلك الانهزام والانقباض والألم الذي أصابني وقتها عندما قرأت ذلك الإعلان خارج المنزل.. وكأنه يخرج لسانه لنا جميعًا مواطنين ومسؤولين ورعاية مبدعين..!! ونعلم تمامًا ويقينًا أن الكل معرض لابتلاء ومحن لكن هؤلاء المبدعون إذا ما صبروا على ابتلاء المرض والفقد والغربة؛ أليس بهين علينا أن نكفيهم ابتلاء المادة اللعين!! لا ننكر وقوف الحكومات مع بعض بنيها ونقدِّر ما يقومون به ولكن مادام هناك نهار يعقبه ليل ويعقبه نهار هناك ابتلاء ومحن وصبر واجتهاد ولا نستطيع أن نتقدم حينًا ونتأخر آخر بل نكون دومًا متأهبين مفتوحي الصدر والعقل لاستقبال ما يستدعي وهو كثير.. ونحسب أنه إذا كان قدر البعض الإبداع فإن قدر الآخرين الهمة والاهتمام!! وإذا فقدنا مبدعًا وابنًا بارًا فهناك غيره كثير وتتفاوت الحاجات وحالاتها وما أقبحنا ونحن نتباكى على من يرحلون بالدمع الغزير وعندما سال دمعهم بحياتهم لم نتداركه ولو بقطعة منديل تزيل عنه ماء الدمع ورهق المسألة رحمنا الله وأنار بصرنا وبصيرتنا.. ورحم الله شاعرنا سيد أحمد الحردلو وغفر له وتقبّل منه والعزاء لأسرته وأهله وصحبه..