اشتهر السودان بإنتاج الذهب منذ أقدم العصور وارتبطت صناعته ارتباطًا وثيقًا بأسرة آل تبيدي المعروفة في الخرطوم وعدد من ولايات السودان باسم «التبيداب» باعتبارهم أول من أدخل هذه الصناعة بالسودان، وكان ذلك حوالى القرن الثامن عشر، ويرجع الاسم إلى كلمة «تبّاد» باللغة النوبية وتعني «الحداد» وكل من يقوم بصهر المعادن وتشكيلها، وتحتضن منطقة «ود شلعي» الواقعة على الضفة الشرقية للنيل الأبيض أمهر الصاغة من ذات الأسرة.. «الإنتباهة» التقت في عجالة شيخ الصاغة خضر قيلي تبيدي، ويعتبر من أصغر الشيوخ عمرًا ليحدثنا عن ذلك المعدن النفيس وسر الإقبال المستمر عليه منذ عصور طويلة وحتى اليوم وما تأثير التنقيب العشوائي للذهب في صناعته، وهل يمكن الاعتماد عليه مصدرًا رئيسًا لدعم عجلة الاقتصاد التي تدور هذه الأيام بشيء من الصعوبة. ٭٭ البطاقة التعريفية؟ خضر محمد قيلي يعقوب تبيدي من قرية ود شلعي بولاية النيل الأبيض امتهنّا هذ المهنة وراثة عن جدنا «محمد بابكر تبيدي» منذ العهد التركي المصري حيث كانت مهنة بدائية، وقام جدنا بإدخال آليات جديدة لتطوير الصناعة.. وامتدت علاقتنا بها منذ أيام الدراسة حيث كان الوالد يصطحبنا معه ونقف على صناعة وعرض المصوغات الذهبية. ٭٭ أنت الآن ملقَّب بشيخ الصاغة من أين جاء هذا اللقب وهل تم منحك إياه باتفاق جميع الصاغة حتى خارج التبيداب؟ الشياخة أصلاً لأسرة التبيداب.. وقد رُشِّحت من الأسرة بإجماع جميع أفرادها وبموافقة كل الصاغة حتى الذين لا ينتمون للأسرة. ٭٭ ما هي مهمة شيخ الصاغة تحديدًا؟ تنظيم وتطوير مهنة الصاغة وحل مشكلاتهم والعمل على ربطهم اجتماعيًا، ومن هنا أطالب الحكومة بتخصيص قطعة أرض لقيام دار للصاغة، لأن الذهب الآن يعوَّل عليه كثيرًا في التنمية ودفع الاقتصاد الوطني. ٭٭ شهد الذهب في الفترة الفائتة ارتفاعًا جنونيًا في أسعاره، فما تأثير ذلك في حركة البيع والشراء لديكم؟ ارتفاع الذهب كان نتاجًا طبيعيًا لارتفاع سعر الدولار وارتفاع سعر البورصة العالمية، ولكن سعر الذهب حاليًا يشهد انخفاضًا ملحوظًا بعد انخفاض سعر صرف الدولار.. وقد صاحب الارتفاع إحجام عن الشراء وكانت حركة البيع أكثر. ٭٭ هنالك موضة الذهب الصيني والإكسسوار الملون.. ما تأثيرهما في إقبال النساء على الذهب؟ لم يؤثر ذلك إطلاقًا فالمرأة السودانية بطبعها تميل للشيء الأصيل، وحتى إحساسها بالذهب يختلف عن إحساسها بأي معدن سواه، هذا غير أنه يشكّل لها أمنًا اقتصاديًا، فالذهب الصيني والإكسسوار يتم شراؤه بمبالغ عالية ولكن لا جدوى منه بعد ذلك عكس الذهب الأصلي. ٭٭ من أي الدول يستورد الذهب الخام وبعض المشغول؟ نستورد الخام من البحرين ودبي والكويت.. وقديمًا كنا نقوم بإعادة تصنيع القديم أيضًا بتلك الدول لكن الآن الوضع اختلف، فالتصنيع يتم هنا بجودة تضاهي المستورد نسبة لدخول الآلات والماكينات الحديثة والأيدي المدرَّبة حيث نبتعث بعض العاملين لأخذ دورات تدريبية في التشكيلات والموديل في كبرى المصانع العالمية. ٭٭ ما تأثير التنقيب العشوائي عن الذهب في حركة الاقتصاد عمومًا؟ تأثيره إيجابي جدًا من ناحية ساعد في رفع المستوى المعيشي لكثير من الأسر.. وقلل نسبة العطالة، ومن ناحية أخرى فقد أثبت المنتج المحلي جودته.. ونحن نقوم بالشراء من المنقِّبين بعد صهر الذهب وتصنيعه في شكل سبائك ونشتري منهم بسعر البورصة.. وتأتي إلينا كميات كثيرة لدرجة أن بنك السودان قام بفتح مكتب داخل عمارة الذهب حيث يشتري من التجار الذين بدورهم يكونون قد قاموا بالشراء من الوكلاء والمنقبين وهكذا يقوم بجمع كميات من الذهب من شأنها رفع الاقتصاد القومي. ٭٭ هل يمكننا القول إن الذهب يمكن أن يحتل الصدارة في دعم الاقتصاد؟ الذهب موجود في كثير من مناطق السودان وهو ضمان أكيد للاقتصاد وربما يتغلب على البترول لأنه أكثر انتشارًا، فقط يحتاج إلى الرعاية والاهتمام من قبل الدولة. ٭٭ ما هي المواقف الصعبة التي تصاحب عملكم؟ أكثر المواقف تكرارًا هو عدم فهم الناس لتصنيف الذهب وخاماته فلكلٍّ سعره، فتحدث المجادلات في أسعار الذهب رغم أن سعره عالمي، ولكن اختلاف الصنف والنوع يؤدي لتباين الأسعار، وهذه حقيقة لا يفهمها كثير من الناس. ٭٭ كلمة أخيرة؟ الشكر أجزله لصحيفتكم العامرة، وأنا من المداومين عليها.. وأكرر دعوتي إلى الالتفات للذهب والتعويل عليه أكثر من أجل خدمة الاقتصاد الوطني.