٭ يبدو أن السودانيين بالمهجر ترتفع عندهم قيمة ما يكتب عن مشكلاتهم وقضاياهم، فهم دائماً ما يستجيبون ويتفاعلون بقدر الطرح والحقيقة والقضية.. كثيرون حاولوا الاتصال بنا ليعبروا لنا وبالشكل الذي يختارونه عن حقيقة الجمرة التي يطأون عليها .. وأمس وصلتني هذه الرسالة المدججة بالقنابل أراد صاحبها أن ينقل لنا كيف أنهم يتفاعلون مع ما نكتب هنا.. وهذا هو ود الفكي يحكي لكم عن انفعالاته مع هذه الزاوية التي ناقشت بالأمس قضية السفارات »المفرغة«: ٭ الأخ هاشم .. حفظه الله.. «سفارات فارغة» اليوم «أمس» وحتى الساعة الحادية عشرة صباحاً السفارة بالرياض «فارغة» من «الإنتباهة» .. سألت عنها في البداية قالوا «خلصت» وبعد ثوان معدودة قالوا «ما جات».. ورغم أنك يا أستاذ تناولت موضوعك بالأمس بأدب جم وقلم «ملجم» وزعل معقول؟ اطلق لقلمك العنان وقل الحق، وإن طال الدرب لا بد من الوصول .. المهم ان نسلك الدرب »الما بودر« .. وهناك شيء يجري كما يقول العم أسحق.. اللهم لطفك.. ونتمنى أن نجد وسيلة للاتصال بك حتى نتمكن من إزعاجك .. يا هاشم.. وبعد «30» عاماً من الاغتراب مازلنا نسبح في بحور عدة البيت ونغرق في حجرة توب.. ونقف صفوفاً أمام جحر جهاز المغتربين ليحلق لنا بالمقلام والشاكوش.. عبد الله الفكي بالرياض «انتهى». ٭ القضية يا ود الفكي ليست هي قضية سفارة بعينها مفرغة، ولكن جوهر المسألة أن هناك اختلالاً في سلم الأولويات لدى الدولة، وفي نظرتها تجاه المغتربين. ٭ أليس من الأجدى أن تتشكل كل مهمة السفارات وفق ما يهوي المغتربون ووفق ما تبتغي سياسة الدولة واستراتيجياتها تجاه رعاياها بالخارج؟ ويبدو أن السودانيين العاملين بالخارج لا يطمحون في شيء سوى أن تتعدل الصورة حتى تصبح السفارة مرآة لعكس حقيقة ما يجري وما جرى بشأن قضايا السودانيين هناك. طيات السحاب..إبراهيم أرقي أن تزور بيت الله الحرام وتطوف بالكعبة المشرفة حاجًا أو معتمرًا ثم تذهب إلى طيبة «المدينةالمنورة» لزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هي أمنية كل سوداني خاصة أإننا كسودانيين عرفنا بحبنا اللا متناهي للحبيب المصطفى وآل بيته الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام. وقد هيأ الله لي ولأسرتي هذه الفرصة الطيبة أن اذهب معتمراً هذه الأيام زائرين إلى بيته الحرام ومسلمين في طيبة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم. كما زرنا البقيع وأحد ومسجد قباء ولله الحمد والمنّة. وقد كانت محطتنا الأولى مدينة الرياض حيث كثير من الأهل والأصدقاء وكانت فرصة طيبة أن ألتقي بالعديد منهم وزرت منطقة «غبيرة» في الرياض وهي منطقة سودانية مائة المائة حيث تنتشر المطاعم السودانية والدكاكين السودانية وأماكن الثياب والجلاليب السودانية. ولكن ما ساءني حقًا هو المظهر العام للسوداني في الشارع العام خاصة في غبيرة وقد شاهدت الكثير منهم يتجولون في الطرقات العامة بهيئة اقل ما يقال عنها أنها غير لائقة بنا السودانيين وبمكانة السوداني الذي عرفه بعلمه وبثقافته وأدبه وقيمته الإنسانية ولكن يبدو أن هذه من سيئات الكثرة فالسعودية أصبحت وجهة لكل العاطلين واليائسين وكل ألوان الطيف البشري من بيئات مختلفة ومتنوعة وثقافات وعادات وتقاليد متباينة وبدلاً من أن يخلع الثوب البلدي الذي أتى به ويلبس ثوب التمدن لاختلاف البيئة يظل متمسكًا بذات المظهر الذي جاء به ولا يتوافق مع الواقع هنا ونظرة الناس المختلفة لذاك الواقع الذي كان يعيشه. «سروال وعراقي أو جلابية غير نظيفة وغير مكوية أو مفتحة الزراير» هذا بالضبط ما شاهدته من الكثيرين هنا وهذا لعمري فعل غير خير ولا يتوافق مع سمعتنا كسودانيين عُرفنا بمواقفنا وشهامتنا ونخوتنا واحترام الناس لنا. كما لا حظت أن العلاقات الاجتماعية بين السودانيين يشوبها الكثير من البرود واللامبالاة ففي الماضي كان عندما يقابل السوداني أخاه يقف يلقي عليه التحية ويتجاوز ذلك للسؤال عن الأهل ومن أين هو في السودان وتكون نقطة انطلاقة لتعارف وصداقة تدوم طويلاً. ولكن الآن المغترب السوداني عندما يقابلك في الشارع في السعودية لا يسلم عليك ويتجاوزك دون حتى الالتفات إليك، جفا غريب أصابهم قد يكون ذلك بسبب كثرتهم في الرياض والاعتيادية ولكن مهما كان تظل غيرتنا نحن كسودانيين على بعضنا البعض خاصة في بلاد الغربة وميلنا لبعضنا وحبنا لبعضنا هو ديدن التعامل بيننا والتواصل والود المتبادل. وأنا على يقين أن السوداني بقيمه وتقاليده وتربيته هو اكبر من كل الضغوط في الغربة وقادر على التواصل مع إخوته السودانيين بنفس الروح السوداني وبنفس القيم السودانية وبنفس العزة السودانية التي جُبلنا عليها وتربينا عليها وأتمنى أن نعكس صورة جدية ونترك العشوائية التي نسير بها في الشارع العام حتى تظل مكانة السوداني محترمة وقوية لا تشوبها شائبة ولا يستطيع احد أن يجد فينا أي ثغرة يستهزئ بنا فنحن كبار بأخلاقنا وتربيتنا وديننا وتقاليدنا.