لماذا يلجأ الأطفال بالسودان لمحاولة العمل الإجباري؟ هل مرد ذلك إلى كون مستويات معيشة الأسرة لا تتوفر لهم مصادر الدخل لسد حاجاتهم!! أم يرجع ذلك لقصور نظام التعليم الأساسي من حيث غياب فرص التعليم في طاقة الأسرة الفقيرة؟ أم الحالة الاقتصادية للأسرة وعدم مقدرتها على الإنفاق؟ ولا أظن هناك قوة أكثر من قوة الجوع التي تنهش عظامهم وتجعلهم عرضة للفساد والإفساد!!!. فيا تُرى ما هو دور حكومتنا.. هل هناك حل تقدِّمه يتعلّق بالمعرفة النوعية والحث والحماية والرعاية للأطفال العاملين والتشريعات والإجراءات وضمان تعليم الفقراء؟ أم ماذا؟؟. في هذا الزمن هناك أشياء كثيرة تعذبني كإنسان أراها وأحس بها وأعيشها ولا أملك حيالها إلا صرخة مدوّية أصرخها بأعلى صوتي لإخواني المغتربين من جميع أبناء السودان أن ينظروا إلى أحوال أولادهم وفلذات أكبادهم وهم يعانون الأمرين معًا الجوع والفقر.. أغيثوهم امنعوا عنهم الفساد والإفساد.. أرى دمعة الطفل الإنسان الوحيد الذي يشعر بصدق وشفافية وهو يبحث عن قطعة خبز يابسة يسد بها رمقه الملتهب بين أهله وعشيرته المعذبين، وفي نفس الوقت أرى دمعة أخرى لطفل مترف يتألم من التخمة.. طفلان.. دمعتان.. تعبيران مشتركان إحساسان متفاوتان.. إنها معادلة غير متكافئة أليس كذلك؟ مشكلتنا أننا مصابون بقصر شديد في النظر والإحساس بالغير بضاعة عتيقة لا تدخل في حساب الحياة المترفة المنغلقة على ذاتها التي نعيشها نحن المغتربون في بروجنا العاجية.. مأساتنا أننا تطورنا فعلاً لكن من الخارج فقط أما من الداخل فما زال الكثير منا يعيش ويفكر ويتصرف بعقلية إنسان ما قبل التاريخ. الأمهات في بلاد المهجر يلححن بشدة على أبنائهن لتناول وجباتهم بينما (يتعزز) الطفل الذي تأتي إليه أمه بكل ما لذ وطاب وهو واقف يتلذذ بتعذيب أمه الملهوفة عليه لتناول طعامه.. هذا بالإضافة إلى أن بعض الأمهات في بلاد المهجر يضربن أسوأ المثل لأطفالهن بأن ينقطعن إلى حد كبير عن تناول الطعام لتخفيف أوزانهن.. وبعض الآباء لا يتناولون وجبة الإفطار بسبب قصر المدة بين الاستيقاظ وترك المنزل للعمل أو بسبب الإنهاك الغاشي من السهر وغير ذلك. بينما هناك أباء يقفون عاجزين لعدم توفير اللقمة لأبنائهم.. فطفل السودان يأخذ ساندويتش إفطاره للمدرسة فيجلس جائعًا حتى نهاية اليوم الدراسي فيتناوله بعد ذلك.. ليكون وجبة للإفطار والغداء معًا عجبي من هذا الزمن العجيب أهلنا وأطفالنا يموتون جوعًا ونحن هنا ننعم بأطيب الطعام.. أبناؤنا يجلسون أرضًا لمتابعة دروسهم اليومية يرتدون الملابس الممزقة.. أحوالهم لا تعجب ولا تسر.. فهل هؤلاء هم نواة المستقبل؟؟؟. فمن هذا المنبر أناشدكم يا أبناء السودان الكادحين حق الأبوة وحق كل ما تحمله هذه الكلمات من معانٍ أن تقفوا يدًا واحدة لمساعدة هؤلاء الأطفال.. نواة المستقبل.. شمروا سواعدكم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فأبناؤكم نخرهم الفقر وهد الجوع قواهم فهم الآن في أمس الحاجة لمساعدتكم فهلا لبيتم النداء..