يعتبر الماء عصب الحياة لكل الكائنات الحية على وجه هذه البسيطة لأن الله عز وجعل جعل منه كل شيء حي، وبالرغم من توفر المياه في السودان عبر أعظم نهر في إفريقيا إلا أن الكثير من ولايات السودان تعاني من أزمات في المياه بما في ذلك الولاية الشمالية، حيث أعفى والي الشمالية في وقت سابق مدير هيئة مياه الولاية الشمالية المهندس محمد حسن محجوب من منصبه، ويرى مراقبون أن السبب وراء ذلك يتعلق بعرقلة المدير السابق للعمل الإداري بينما يظل التحدي قائمًا أمام المدير الجديد المهندس حسن حاج الماحي في كيفية تلافي المشكلات التي واجهها خلفه السابق والمتعلقة بتوصيل خطوط المياه لمناطق عديدة لم تصلها خدمة المياه بالإضافة إلى تحسين وتنقية مياه الشرب وإن كان الاستقرار في الإمداد المائي يجد القبول من العامة بالشمالية إلا أن مايؤرق مضاجع العديد منهم في عدد من محليات الولاية هو طبيعة المياه التي يشتكي منها العديد من سكان الولاية حيث يشوب نقاء المياه نوع من الصفرة ليحتار الناس على كمية «الصدأ» المتدفقة من خراطيم المياه في أغلب أوقات اليوم وقد استعاض البعض ممن يعانون من التهاب الكلى بمياه النيل التي يأتون بها خصيصًا للشرب ويتركون مياه الهيئة لدوابهم وما ملكته أنفسهم من أنعام، وكان مجلس وزراء حكومة الولاية الشمالية قد أجاز قبل أكثر من عامين زيادة تعرفة المياه لجنيهين «فارتفعت من 16 ج إلى 18ج» بالنسبة لمدن الدرجة الثالثة ومرر مجلس الوزراء هذا القرار بحجة تفادَى بها غضب المواطن الموجوع والمفجوع بزيادة متواصلة في جميع السلع الضرورية حيث برر ذلك أن الزيادة ستكون لمدة عامين فقط وذلك بغرض مشاركة المواطنين بعضهم البعض في توفير خطوط المياه لمواطنين لم تصل إليهم مياه الشرب بالإضافة إلى تحسين شبكات المياه ولكن مرت الفترة المحددة لذلك والمواطن الذي التزم بالدفع يرى أن الوعود التي من أجلها دُفع لم تتحقق كما أن الفترة مضت ولم تلتزم الجهات بإزالة الزيادة حسب الفترة التي قررتها. وبمحلية القولد وفي واحدة من زيارات كبار المسؤولين لاحظت «الإنتباهة» أن مجموعة من المواطنين يحملون قارورات بها مياه لونها متغير إلى الإصفرار وبالسؤال اتضح أنهم جاءوا بها لعرضها على المسؤولين بحجة تغير لونها ولإيجاد الحل لهذه المشكلة من قبل المسؤولين، ويقول المواطن حمادة إبراهيم في حديثه ل«الإنتباة» إننا رشحنا منسوبي المؤتمر الوطني في الانتخابات الماضية من أجل القضاء على مثل هذه المشكلات ولكن حتى الآن لم يجدوا لنا علاجًا لمشكلة تنقية المياه وأضاف: «نحن تخشى أن تتسبب هذه المياه في إحداث أمراض لأن لونها يتغير من وقت إلى آخر» غير أني لاحظت صدق حديث محدثي عندما ذهبت لأودي واجب العزاء لأحد معارفي وما إن امتلأت بعض الأواني للوضوء حتى تحول لون المياه وكأنه «ميرندا» وأشار عند ذلك من كان يقف بجانبي وهو رئيس مكتب المؤتمر الوطني بوحدة القولد أيمن بكري إلى لون المياه المتغير وهو يقول لي «ألا تكتب لنا عن هذه المشكلة» بيد أن الأمر المزعج الآخر هو أن خطوط المياه بالمدينة وبعدد من المواقع تحتاج إلى تغيير بسبب طول مدتها. غير أن مدير هيئة مياه محلية القولد المهندس عبد المنعم محمد محجوب الخليفة يرى أن سبب تغير لون المياه يرجع إلى استخدام طلمبات الحديد القديمة في الآبار موضحًا أن هذا التغير هو نوع من الصدى، واستدرك بأنه طفيف يتراكم في الطلمبات مع طول الزمن، وأوضح في حديثه ل«الإنتباهة» أن إدارته لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يجري فبعثت بنوعية المياه إلى التحليل الكيميائي بالمختبر المركزي بدنقلا والذي اثبت أن المواد الموجودة في المياه غير ضارة وغير مؤثرة وأن كمية التغير مسموح بها عالميًا، وأوضح أنه باعتباره مديرًا لهيئة مياه القولد ضميره لا يسمح له بأن يرسل للمواطن مياهًا تؤثر في صحته وهو يعلم بذلك مشيرًا أن ذلك جزء من مسؤوليته التي أوكلت إليه، وعدَّد مدير هيئة مياه القولد الإنجازات التي حققتها الهيئة في عهده والتي تمثلت في تركيب أكثر من «15» محطة مياه جديدة بعدد من مناطق المحلية وحفر ست آبار جوفية وتركيب جزء من شبكة المدينة بخطوط «4» بوصة وذلك بطول واحد كيلو وبخطوط «2» بوصة وذلك بطول «6» كيلومترات كما استطاعت الهيئة توفير «6» مولدات كهربائية «احتياطًا» في حالة انقطاع التيار الكهربائي من الشبكة العامة، وأضاف «لقد قامت الإدارة بتوصيل عشر محطات مياه بالكهرباء بالعداد ثلاثة خط» وإن كان المدير قد وفق في بناء المكاتب الجديدة إلا أن منظر الزبون وهو ينتظر دفع الفاتورة واقفًا دون أن يجد ما يجلس عليه يعتبر منقصة في حق المبنى الجديد وهو القادم ليدفع أموالاً لا ليستلمها.. على العموم يبقى أمر صحة المواطن خاصة فيما يتناوله من مياه الشرب أمرًا لا يقبل القسمة على اثنين وبالرغم من التطمينات التي بثها مدير هيئة مياه القولد يظل تغير لون المياه هاجسًا يؤرق مضجع المواطن ومشكلة تنتظر الحسم.