إن أمر الغذاء يشترك فيه الناس جميعاً. نحمد الله الذي حبا بلدنا السودان بأراضٍ زراعية واسعة وأنهار ومياه جوفية وأمطار كثيرة في كل البلاد وصالحة للزراعة المطرية السهلة الزراعة والكثيرة الإنتاج، كان بالسودان في الماضي نهضة زراعية واسعة ومنتوجات متعددة تكفي حاجة البلاد وتزيد وكان السودان يشتهر بالقطن قصير وطويل التيلة وقامت مصانع السكر وأصبح يصدر عالمياً وكان الذرة بجميع أنواعه تمتلئ به الصوامع في الجزيرة والقضارف وكان يصدر بعضه كما أدخلت زراعة القمح في الجزيرة. وتوسعت في الشمالية مع كميات وافرة من الخضر والفواكه تغطي حاجة الناس، رغم هذا كله أصبح في السنوات الأخير تظهر فجوات في القمح والذرة. وكان السبب في هذا النقص هو عدم التخطيط السليم والاستفادة من التقنية الزراعية المتطورة التي أدت إلى زيادة الإنتاج الزراعي في كل الدول. إن الاعتماد على التقنية الزراعية هو السبيل لزيادة الإنتاج الزراعي بلا استثناء.. إن التخيط المتأني والسليم واستخدام التقنية الزراعية الحديثة والمتطورة سيكون السودان فعلاً سلة غذاء إن لم يكن للعالم فعلى أقل تقدير للبلاد العربية ودول الخليج.. وذلك بالتخطيط الجاد والسليم ومرحلة التنفيذ مع توفير المال اللازم والكافي من مستثمرين أجانب ووطنيين مع توفير الضمانات المناسبة لتشجيع هذا العمل.. إن نجاح الاستثمار يكون أولاً بالدراسة الوافية الخطط الممرحلة والتنفيذ الجاد على المتابعة المستمرة كي يجني المستثمر الربح الذي يشجعه على الاستمرار وتوسيع العمل. الذي يؤدي إلى الفشل هو التسرع وعدم المنهجية التي أصبحت هي السبيل لكل عمل ناجح إن لم يكن التنفيذ بدقة فإن النتيجة لن تكون إيجابية مهما بُذل من جهد. واجب الدولة هي أن تكون هناك إدارة مؤهلة للاستثمار حتى ترعاه وتقوم بتقديم المساعدة والمشورة التي تساعد على نجاح كل المشاريع. أما موضوع الغلاء فأصبح يشكو منه كل الناس وذلك لأن السلع التي تعرض للمواطنين بواسطة التجار حسب السعر الذي تم شرؤها به ووضع ربح عليها ودائماً يسيطر عليها قانون العرض والطلب وهو الذي يؤدي إلى رفع سعر السلع مما تصبح به بعض السلع غير مقدور عليها رغم الحاجة الملحة لها. إن حاجة المواطن للسلع الضرورية لمعيشته من واجب الدولة أن تعمل أن تصله بالسعر الذي يكون في مقدوره وحسب دخله خاصة ذوي الدخل المحدود أو الضعيف.. يكون تدخل الدولة بالدعم تخفيض الضرائب للسلع المستوردة أو خفض رسوم الإنتاج للسلع المنتجة محلياً.. حتى يستطيع المواطن أن يجد حاجته بالسعر الذي يمكنه الشراء به.. إن تحرير الأسعار وترك التجار يسيطرون على السوق دون تدخل من الحكومة لن يكون مجدياً في بلد كالسودان أكثر مواطنيه محدودو الدخل .. يا حبذا لو استطاعت الدولة كتابة الأسعار في السلع بعد وضع هامش ربح معقول رغم صعوبة هذا العمل إلا أنه لا توجد وسيلة أنجع منه مع هذا الذي يحدث في الأسواق من واجب السلطة راحة المواطن من التمتع بحياة آمنة ومستقرة يجد فيها المأكل والملبس والعلاج حتى يستطيع القيام بواجبه الاجتماعي والديني والوطني. إن اهتمام الدولة بالإنتاج الزراعي والصناعي وحماية الثروة الحيوانية وضبط استخراج المعادن خاصة الذهب هو وسيلة فعالة لتوفير الرفاهية للمواطن. إن الغلاء هو نتيجة حتمية لقلة الإنتاج خاصة في الغذاء. إن الحكومة القادرة القوية هي التي توفر الحياة الكريمة والسهلة للمواطنين حتى يستقر حالهم وينعموا بالأمن. إن نقص الغذاء أو عدم توفره يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة التي تفتك بأفراد الأمة، عادة ما تنتشر الأمراض في الدول التي تعاني من قلة الغداء. إن قلة الغذاء تكون لسببين إما عدم توفره في البلد أو عدم المقدرة على استيراده من البلاد التي يتوفر فيها. إن قلة الغذاء أو سوءه أو عدمه يدق ناقوس الخطر لتدهور الصحة العامة وتفشي الأوبئة والأمراض التي تؤدي إلى الضعف والهزال والموت. إن الأمر كله بيد السلطة الحاكمة بالسعي إلى راحة المواطنين وذلك بالاستفادة من هذا العدد الكبير الذي يتخرج من الجامعات سنوياً من الزراعيين وأكثرهم بدون عمل وهم ثروة يمكن التخطيط لعمل مشاريع يعملون فيها ويفيدون البلد بعلمهم وجهدهم ويوفرون الإنتاج الذي يكفي حاجة البلد ويزيد. والله يعلم اذا صدقت النيات ووضعت البرامج الطموحة والدراسات اللازمة من أصحاب التخصصات وهم كثر في هذا البلد المعطاء بدون التأثر بالانتماءات بل وضع الرجل المناسب في المكان المناسب لأدى ذلك إلى تنمية متكاملة ووفرة في الإنتاج حتى يستمتع الجميع بخيرات الأرض وتكون الأسعار في مقدور الجميع من ذوي الدخول المحدودة بارك الله في من سعى لإسعاد مواطنيه. إن انشغال السلطة بكراسي الحكم والاستمرار في الاستمتاع بما يوفره لهم جلوسهم فيهادون الالتفات لمن انتخبوهم وساعدوهم في الوصول إليها لكي يقوموا بخدمتهم لا خدمة أنفسهم وأحزابهم. اتقوا الله في عباده وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ومازال في الوقت متسع للرجوع إلى الحق وخدمة هذا الوطن الذي سحقه الغلاء وأعياه المرض «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». ووفق الله الجميع لما فيه خير الوطن