للحكاية بقية: يروي بعضا منها: الهميم عبد الرزاق ظلت إدارة مكافحة الثراء الحرام التابعة لوزارة العدل منذ إنشائها في العام 1989م حتى الأسبوع الماضي إدارة بلا فاعلية وغابت أو غُيِّبت عن أداء دورها بفعل فاعل أو بغيره إلى أن استفحل الفساد وعم وانتشر وظهرت آثار الثراء على كثير من منسوبي الدولة وموظفيها صغارهم وكبارهم وبدأ الحديث عمن يكتنزون الأموال ويمتلكون العقارات والشركات ذات الأرصدة والمعاملات المليارية حتى بدا البعض مندهشًا كيف لهؤلاء أن يتحصلوا على كل تلك الممتلكات؟ وبعيدًا عن استفهامات الكثيرين تلك بدأ الحديث جهرًا ودون مواربة كيف لا يُسأل هؤلاء من أين لهم هذا؟ في ظل حكومة تتخذ من التوجه الإسلامي مبدأها. وهو السؤال الذي يعتبر من أولى أولويات هذه الإدارة التي أنشئت بموجب قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة «1989م» حيث تقوم الإدارة بتنفيذ الاختصاصات المنصوص عليها في المادة «5» من القانون والتي تتضمن تلقي إقرارات الذمة المادية وإحالتها إلى لجنة فحص إقرارات الذمة المالية وذلك لفحصها بغرض التثبُّت من صحتها وتقديم تقرير للإدارة بنتيجة الفحص يبين فيه ما إذا كان أي من مقدمي الإقرارات أثرى ثراءً حراماً أو مشبوهًا. وتتلقى الشكاوى المتعلقة بالثراء الحرام والمشبوه المقدمة من أي شخص إما إليها مباشرة أو محالة لها من قبل وزير العدل أو أي قاض أو الضابط المسؤول عن نقطة الشرطة حيث يتم التحقيق في تلك الشكاوى واتخاذ الإجراء المناسب حيالها وتحقق إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه من تلقاء ذاتها مع أي شخص إذا اتضح لها أنه مشتبه في ثرائه ثراءً حراماً أو مشبوهًا ولكنها لم تفعل إما لعدم قدرتها أو أنها أُريد لها ألا تفعل حيث عجزت طوال تلك السنوات عن سؤال أي شخص مشتبه به كما عجزت عن إلزام أي دستوري من أكثر من عشرة آلاف دستوري في البلاد عن تقديم إقرار ذمة إلا بعد أن أعلن وزير العدل اعتزامه تفعيل عمل الإدارة وسؤال كل مشتبه به كيف ومن أين له ما ظهر عليه من مال؟ ولكن الكثيرين يرون أن تحديات كبيرة ستواجه عمل هذه الإدارة في القيام بدورها من قبل من تستهدفهم ومن لا يريدون لها أن تقوم بدورها في كشف الحقائق حتى وإن عملت تحت إشراف الوزير نفسه ويستشهدون بإدارة مكافحة الفساد التي أنشأها رئيس الجمهورية وتتبع له مباشرة ماذا فعلت بعد إنشائها ولا يزال الكثيرون يسألون عن إنجازاتها حتى الآن. ويبدو فعلاً أن العقبات التي ستواجه الإدارة بعد أن أنشأ لها وزير العدل أنيابًا لتصطاد بها سيجعلها في واجهة الاستهداف وسيدخلها في صراعات كبيرة مع من تتوجه نحوهم سهام الإدارة وربما سعى من يعتقدون أنها ستشكل خطرًا عليهم لوأدها قبل أن تصبح سيفًا مسلطًا على رقابهم حتى لا يطولهم سؤلها وتظهر هذه التحديات جلية في إمكانية وقدرة الإدارة على مساءلة الشخصيات الكبيرة ذات الوزن في الدولة وفي حال قدرتها على سؤالهم هل ستمكنها الإجراءات وبعض القوانين والحصانات من أداء دورها؟ خاصة وأن رئيس الإدارة أحمد عبد العاطي قد أشار للزميلة المجهر أنه ربما تكون هناك مشكلة في العدد الكبير لملفات القضايا ورأى أن عمل الإدارة يحتاج الى نوعية معينة من المستشارين يتميزون بالتجربة في العمل الجنائي والحكمة والموازنة بين النواحي القانونية والشرعية لحساسية العمل الذي تقوم به حتى لا تأخذ الناس بالشبهات وهذه تعتبر من أكبر العقبات التي ربما تشكل ثغرة مخارجة للكثيرين وهي في ذات الوقت تتعارض مع اسم الإدارة التي أُطلق عليها «إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه» بما يعني ويخول للإدارة أن تتحرك لمجرد وجود شبهة. ولكن في الوقت نفسه يرى الكثيرون أن قدرة وإرادة وإصرار وزير العدل محمد بشارة دوسة وما حققه من نجاحات في الوزارة وفي كثير من الملفات ذات الصلة ربما كانت من عوامل نجاح الإدارة إذا تم اختيار العاملين فيها من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة ومن الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم ربما استطاعت الإدارة تحقيق ما لم تحققه منذ إنشائها وبالتالي سيكون لها دورها في مستقبل البلاد ومكافحة الفساد ولكن الأيام وحدها قادرة على كشف مدى قدرة الإدارة على وأد الفساد والثراء الحرام والمشبوه أو وأد الإدارة نفسها!!