محمد الحسن البدوي سعدان تلقى تعليمه بالخرطوم ودرس الجامعة ببنغازي بليبيا، عمل معلماً بليبيا لمدة عامين ثم رجع للسودان ثم سافر اليونان حيث عمل هنالك في وظيفة «مدقق لغوي» بصحيفة الحوار عام «1983م» وبعدها رجع للعمل بليبيا كمعلم ثم سافر إلى سويسرا ثم إلى أمريكا وخلال ترحاله هذا عمل في عدة وظائف كالتدريس والترجمة وأيضاً سائق تاكسي، التقيناه في هذه المساحة ليحكي لنا عن تجربته مع الاغتراب فكانت إفاداته على النحو التالي: ٭٭ بداية حدثنا عن تجربتك مع الغربة وكيف بدأت الاغتراب؟ بعد أن أكملت تعليمي الثانوي بالخرطوم وجدت منحة للدراسة بالجامعة بليبيا بمدينة بنغازي حيث درست في كلية العلوم وتخرجت في تخصص كيمياء ونبات ومن ثم عملت معلماً هنالك لمدة عامين وبعدها رجعت للسودان ثم سافرت لليونان حيث عملت بصحيفة الحوار «مصحح» في العام «1983م» وفيها وجدت إعلانًا للعمل «معلم بليبيا» فرجعت ليبيا ومنها سافرت إلى سويسرا ثم رجعت للسودان في عام «1988م» وفي عام «1989م» سافرت إلى أمريكا واستقريت فيها وعملت في عدة مجالات مثل الترجمة والتعليم وسائق تاكسي وبعد أحداث سبتمبر رجعت للسودان وعملت بأراضي الوالد منذ عام «2002م» وحتى الآن. ٭٭ ماذا استفدت من الغربة وما هو حصادك منها؟ استفدت الكثير فالإنسان «يحتك» بأجناس كثيرة جداً تجعلك تتفهم الناس أكثر وتعلمك التحمل وأن تقابل كل مشكلة بالهدوء، أيضاً تتعلم المعاملة الحسنة للناس وأن تكون إنسانًا «هاش وباش» وتجربتك تزداد وتكون أقدر على التعامل مع البشر ومنفتحًا أكثر على الآخرين. ٭٭ استثمارات المغتربين بالداخل المعوقات والمشكلات؟ هنالك معوقات كثيرة فالإجراءات الإدارية معقدة وصعبة ومنفرة جداً ويكمن علاجها في تسهيل الإجراءات الإدارية وتكون هنالك جهة واحدة للتعامل معها لاستقطاب رؤوس الأموال السودانية بالخارج وكذلك الأجنبية. ٭٭ كيف يمكن أن تستفيد الدولة من المغتربين خاصة الخبرات الوطنية بالخارج؟ لدينا خبرات وطنية مهولة جداً من السودانيين خارج الوطن يمكن الاستفادة منها بتهيئة الأوضاع فهم يمثلون خبرة لتجويد العمل فلديهم خبرات كبيرة جداً في كل المجالات وأعدادهم ضخمة جداً على كل المستويات وهم مهرة «مهندسون وأطباء وفنيون» وغيرهم فلا توجد مقارنة بين بيئة العمل في السودان وفي البلدان الأخرى فهنالك انضباط تام فمثلاً في المجال الطبي هنالك ترتيب ونظام ودقة بصورة متناهية وهنالك كل حالة مرضية لها طبيب متابع لها وهذه الخدمة كانت متوفرة في السودان في الزمان السابق أما الآن فلا توجد، أيضاً يمكن الاستفادة من الخبرات الوطنية بالخارج؛ لأنهم يأتون بخبرات وأفكار جديدة والدولة يجب أن تحفزهم لتعليم الناس الكثير فالبلد يحتاج للانفتاح وللخبرات. ٭٭ بما أنك عملت معلماً خارج السودان وفي كثير من البلدان ما هي ملاحظاتك على التعليم هنا؟ أولاً يجب إيقاف «الجلد» في المدارس؛ لأنه وسيلة غير مجدية للعقاب وأثرها سلبي على الأطفال وتضعف رغبتهم في التعليم وتجعل الطفل لا يركز المعلومة بسبب خوفه من «الجلد» وتجعله مهزوز الشخصية فيجب أن تكون هنالك وسائل للعقاب أفضل من ذلك، ثانياً هنالك وسائل وأدوات ومناشط عديدة مثل الموسيقا والرياضة حتى في الأحياء فمثلاً في أمريكا يوجد مكان خاص بكل حي لممارسة الموسيقا والرياضة والسباحة، كما أن المدارس على مستوى عالٍ، وأيضاً المكتبة موجودة في المدارس وبها مكتبات ضخمة فأهم شيء للطالب حصة المكتبة التي توسع آفاقه والكتاب في رأيي أهم من الإنترنت؛ لأنه يعلم الصبر والإنترنت لا يخلق العالم أو الشاعر؛ لأنهم كانوا يقرأون الكتب فلا بد من وجود المكتبات بالمدارس. ٭٭ تأثير التحولات الاقتصادية الداخلية على المغتربين؟ الأزمة الاقتصادية أثرت على عائدات المغتربين فإذا وجد المغتربون تسهيلات داخلية لتحويل أموالهم بالسودان سوف تكون محفزًا لكل المغتربين، أيضاً ندعو الدولة لتسهيل الاستثمار إلى المغتربين؛ لأنه لو نجحت الاستثمارات للمغترب فسوف يستفيد البلد ويكون حافزًا لغيره من المغتربين ولكل مستثمر حتى ولو كان أجنبيًا. ٭٭ هنالك من يقول إن بناء منزل للمغترب في السودان يكلفه عشرات السنين؟ في أمريكا المنزل أرخص من السودان مع أنه لا توجد مقارنة فأمريكا منظمة من جميع النواحي والأرض هنا في السودان غالية من غير مبرِّر اقتصادي وأسعار مواد البناء هنا غالية وتتضاعف بسرعة وأيضًا من غير منطق اقتصادي فالزيادة دائمة إذا قارناها بزيادة الأسعار في الخارج فأسعار مواد البناء هناك تزيد بمبرر وبنسبة «10%» أما هنا فتزيد بنسبة «150%» وبدون مبرر. ٭٭ هل ندمت على العودة النهائية للوطن؟ لم أندم أبداً؛ لأن أهلي كلهم هنا ولدينا أراضٍ زراعية في الخرطوم كانت مهملة جداً فقمت بحصرها وعملت بها ولذلك العودة إلى الوطن كانت مفيدة بالنسبة لي ولأهلي كثيراً فهنالك في الغربة العمل ضاغط جداً وكل شيء يسير وفق نظام معيّن وبمستوى عالٍ وهنالك أيضًا الوقت له ضوابط وقيم واحترام والنظافة أيضاً يتم الاهتمام بها أما هنا في السودان فلدينا مشكلة كبيرة جداً في نظافة البيئة فالناس بحاجة إلى ثقافة نظافة فيجب توعية الناس بسن القوانين التي تحمي البيئة والتوعية يجب أن تكون عبر وسائل الإعلام ولمدة عام كامل وبعده يتم تنفيذ القانون.