أصبح الرئيس الصومالي (الشيخ شريف) زائراً معتاداً للسودان. أنتخِب الرئيس شيخ شريف رئيساً للصومال في 31/ يناير 2009م. وقد ظلَّ منذ انتخابه يزور السودان بانتظام، حتى بلغت زياراته الخرطوم أربع زيارات، خلال فترة ثلاثة أعوام ونصف. زار الرئيس (شيخ شريف) السودان بعد أقل من شهرين على انتخابه رئيساً. حيث كانت زيارته الأولى للسودان في 23/مارس 2009م. ثمَّ زار الخرطوم للمرة الثانية في أبريل 2010م، في أعقاب تلك الزيارة بدأت طباعة العملة الصومالية في الخرطوم. ثم زار (شيخ شريف) الخرطوم للمرَّة الثالثة في 3/أغسطس 2011م. ثم زار الخرطوم للمرَّة الرابعة في 3/يوليو 2012م. لم يُحظى السودان في تاريخه بزيارات رئاسية كثيفة كتلك الزيارات.! يُذكر أن الرئيس الصومالي شيخ شريف درس في السودان دراسته الجامعية، في جامعة الدلنج. حيث درس لمدة عامين، ثمّ غادر إلى مدينة (البيضاء) في ليبيا، حيث أكمل دراسته الجامعية في جامعة عمر المختار عام 1998م. دخل شيخ شريف تنظيم (المحاكم الإسلامية) الصومالية عن طريق الشيخ (حسن طاهر عويس) رئيس مجلس شوري (المحاكم الإسلامية). بدأت رحلة (شيخ شريف) إلى منصب رئيس الصومال، عندما لعب دور مهندس إطلاق سراح الجنود الأمريكيين (المارينز)، الذين أسرتهم (المحاكم الإسلامية) في معركة (رأس كمبوني) بجنوب الصومال. حيث تدخل (شيخ شريف) وتمّ إطلاق سراح الخمسة عشر جندي أمريكي الذين قبضت عليهم (المحاكم الإسلامية). كانت تلك نقطة انطلاق تعاون (شيخ شريف) مع الأمريكيين. كما كانت بداية اختراق أمريكا للإسلاميين في الصومال. بعد دوره في إطلاق سراح جنود (المارينز) الأمريكيين، التقى (شيخ شريف) السفير الأمريكي في كينيا (مايكل رينبيرغر). حيث تصاعد تعاونه مع الأمريكيين. كانت تلك نقطة خلاف جذرية بين (شيخ شريف) والقائد الإسلامي الشيخ حسن طاهر عويس، (رئيس مجلس شوري (المحاكم الإسلامية). تطوَّر تعاون الرئيس (شيخ شريف) مع الأمريكيين، ليصبح تعاوناً كاملاً، هدفه الإستراتيجي تصفية الإسلاميين، تحت مختلف المسميَّات، في الصومال. وذلك مقابل إجلاس (شيخ شريف) على كرسي الرئاسة في مقديشو، تحت حماية قوات أجنبية. أصبح الرئيس (شيخ شريف) رأس الرمح في تنفيذ السياسة الأمريكية لتصفية الإسلاميين في الصومال. كان اختراق الأمريكيين للإسلاميين باستقطاب (شيخ شريف) بمثابة نجاح كبير. فقد فشلت من قبل السياسة الأمريكية في الصومال، عندما قامت واشنطن بإرسال جنود أمريكيين الى الصومال تحت مظلّة الأممالمتحدة. حدث ذلك في عهد الرئيس جورج بوش (الأب)، عندما أرسلت أمريكا (27) ألف جندي في عملية (استعادة الأمل)، حيث وصلوا إلى الصومال ليلة الأربعاء 9/ديسمبر 1992م. وسرعان بدأ الصدام مع قوات المقاومة الوطنية الصومالية في 3/أكتوبر1993م. حيث أسقِطت طائرتان (بلاك هوك) وقتِل (18) جندي أمريكي، وجرح (80) جندي أمريكي، وألقى القبض على طيّار أمريكي. حيث انتهى التدخل الأمريكي في الصومال بهزيمة أمريكا، وسحل جنودها في مقديشو في 1993م. ونقلت شاشات تلفزة CNN صور الجنود الأمريكيين القتلى يجرُّهم الصوماليون في شوارع مقديشو. فأعقب ذلك سحب الجيش الأمريكي من الصومال. في المشهد الصومالي الراهن اليوم، في عهد الرئيس (شيخ شريف)، استفادت أمريكا من خطأ التدخل العسكري الأمريكي المباشر، كما حدث في عملية (استعادة الأمل). واستبدلت واشنطن ذلك بإرسال قوات أفريقية، يتمّ إرسالها في إطار الإتحاد الأفريقي أو منظمة الإيقاد. وبدأ فصل جديد في تصفية الإسلاميين والقوى الوطنية في الصومال، ببداية حقبة تدخُّل الجيوش الأفريقية في الشأن الصومالي. حيث أصبح الصومال اليوم ميداناً مفتوحاً للجيوش الأفريقية (الأمريكية)، التي تباشر عملياتها في تصفية الإسلاميين في الصومال. يوجد اليوم في أرض الصومال (5700) جندي أوغندي. كما يوجد (5000) جندي كيني، و(4400) جندي من بورندي، و(850) جندي من سيراليون، و(400) من جيبوتي، و(120) من نيجيريا، و(9) جنود من غانا، وأربعة مستشارين عسكريين، وهم ضباط برتبة عقيد من مالي والكميرون والسنغال وزيمبابوي. تبلغ جملة جيوش الدول الأفريقية الناشطة اليوم في حرب شاملة في تصفية الإسلاميين في الصومال، قرابة سبعة عشر ألف جندي. ذلك إلى جانب قوات الإحتلال الأثيوبي. حيث يوجد آلاف الجنود الأثيوبيين في غرب الصومال. وقد صرح الرئيس الأثيوبي عقب قمة الإيقاد في 2010م أن (يجب إبادة تنظيم «الشباب») في الصومال. تقوم قوات الدول الأفريقية بتوفير الحماية للرئيس (شيخ شريف) ونظامه (الأمريكي)، حيث توجد وحدات الجيش الأوغندي والجيش البورندي، وغيرها، في العاصمة مقديشو. حيث تشنّ غاراتها الدامية على المقاومة الصومالية. وقد أوشك السودان أن يدخل المستنقع الصومالي عام 2010م، عندما كان بصدد إرسال (2000) جندي إلى الصومال، وذلك وفقاً لقرار قمة الإيقاد. وقد شرعت أمريكا مؤخراً في إقامة قاعدة عسكرية في أثيوبيا للطائرات بدون طيَّار، لاصطياد الإسلاميين وقوات المقاومة الإسلامية الوطنية في الصومال. وذلك على غرار قواعدها في الباكستان، حيث قتلت طائراتها بدون طيَّار مايزيد عن خمسة آلاف، ذلك التدخُّل الأمريكي العسكري في الصومال بصورة مباشرة، أو بصورة مباشرة عبر قوات الدول الأفريقية الحليفة لواشنطن، أدّى إلى تزايد نفوذ تنظيم (القاعدة)، في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي. في ذلك السياق، ماهي مصلحة السودان في التعاون مع هكذا رئيس صومالي، أى الرئيس (شيخ شريف). أليس من الأفضل اجتناب (شيخ شريف)، حتى لا تهبّ الرياح الصومالية على السودان، أليس من الأفضل للسودان اجتناب (شيخ شريف) ليتجنَّب هبوب رياح تنظيم (القاعدة) على السودان؟. (شيخ شريف) إثمه أكبر من نفعه!.