حديث الرئيس البشير أمام قمة الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن الإفريقي أمس بأديس أبابا حيث تنعقد القمة الإفريقية بعد نقلها من ملاوي بطلب من الخرطوم، حول التزامات السودان بحل القضايا الخلافية مع دولة الجنوب، ووضوح موقفه بشأن الخريطة التي تحدد حدود السودان مع دولة الجنوب التي نال السودان بواسطتها استقلاله وحصل الجنوب على انفصاله، وتعتمدها الأممالمتحدة وبعثاتها في البلدين، وبنيت عليها اتفاقية نيفاشا وبروتكولاتها وأجرى عليها وبها الاستفتاء الذي أفضى لتكوين دولة في الجنوب، يجب أن يتبع حديث الرئيس بحركة دبلوماسية نشطة وتأكيدات قوية على أن هذه الخريطة هي الوحيدة التي يجب التعامل معها مع رفض قاطع لأي خريطة أخرى سواء قدمتها اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى بقيادة الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي أو حاول مجلس السلم والأمن تمريرها وإقناع مجلس الأمن الدولي بها. وواضح من خلال الكلمة القوية للرئيس البشير أمام مجلس السلم والأمن الإفريقي صباح أمس، وتركيزه على هذه النقطة بالتحديد، أن هناك محاولات حثيثة من جهات داخل القارة وخارجها لفرض خريطة أمبيكي أو أي خريطة أخرى مثل الخريطة التي أعلنتها حكومة جنوب السودان من قبل ورفضها السودان لتضمين مناطق سودانية داخل حدود الدولة الجديدة. وتسعى قوى دولية تقف وراء حكومة دولة الجنوب وتدعم مواقفها التفاوضية، على ممارسة كثير من الضغوط على حكومة السودان حتى تقبل بما يطرح على طاولة المفاوضات، خاصة ما يتعلق بالمنطقة الحدودية المنزوعة السلاح التي ستقرر وفق الخريطة التي يجري تهيئة الأجواء والظروف الإقليمية والدولية للتعامل بها وإرغام الخرطوم على قبولها. ولابد من الإشارة إلى أن التعامل الرخو مع هذه القضية في جولات المفاوضات ومجرد قبول مناقشة مثل هذه المسألة في أروقتها والاستماع لأمبيكي وتركه يطرح أكثر من مرة هذه الخريطة، يغري الجهات اللاهثة من أجلها أن تتشجع على الترويج لها وجعلها أمراً واقعاً، وهو ما يتطلب يقظة وتكثيفاً للاتصالات السياسية والدبلوماسية واستخدام كل الوسائل المتاحة لإجهاض هذا النوع من المساعي المعادية. فالواجب عدم ترك الأمور فقط تحت راية حديث الرئيس البشير أمام القمة ومجلس السلم والأمن الإفريقي، لابد من إحكام التحرك الفوري في الفضاء الإفريقي والعربي والدولي لكتم أنفاس هذه الادعاءات ومحاولات فرض خريطة جديدة تحدد حدود البلدين.. ومعلوم مسبقاً أن دولة الجنوب كانت لا تريد قبل الاستفتاء على تقرير المصير وخلال الفترة الانتقالية، أن تحسم قضية الحدود وترسيمها وقاطعت لجنة ترسيم الحدود، وكل ذلك للوصول لهذه النقطة التي نواجهها الآن، كما سبقت الإشارة أكثر من مرة، ومن أكثر من مسؤول في الحكومة والمؤتمر الوطني وشخصيات وطنية متابعة للشأن العام، أن إسرائيل نصحت قيادات الحركة الشعبية خلال الفترة الانتقالية بعدم حسم الحدود وجعل الدولة الجديدة تعلن بدون حدود محددة مما يتيح لها التمدد شمالاً وإدماء أنف وجسد السودان بالمشكلات الحدودية بغية إضعافه وإنهاكه، وهذا بالضبط ما يجري الآن .!! ويتوجب وفقاً لما يجري أمامنا من مؤامرات يخرج بعضها من الجلباب الإفريقي، أن نضخ روحاً جديدة في علاقاتنا الإفريقية والاستفادة من ظروف إقليمية كثيرة لعدم تمرير مثل هذه الخرائط أو التقارير الصادرة عن لجنة أمبيكي أو مجلس السلم والأمن الإفريقي قبيل انتهاء مهلة ثلاثة الأشهر التي حددها مجلس الأمن الدولي للتوصل لاتفاق بين السودان ودولة جنوب السودان. فهذه القضية هي قضية وطن، على الحكومة أن تحشد لها كل الخبرات والعلماء من أهل القانون الدولي والوثائق التاريخية، لأنه في النهاية ستلجأ الجهات الدولية المعادية للسودان التي تقف مع دولة الجنوب للذهاب لساحة التحكيم الدولي.. ومعروف أنه لا يوجد تحكيم دولي عادل وغير مرتبط بالاعتبارات السياسية، فليس بالحق والقانون تقوم الدول .!