فرح الشعب السوداني لشقيقه المصري بنجاح ثورته وذهاب نظام مبارك الذي أدخل علاقات البلدين في كثير من مراحلها في نفق مظلم وشابتها الكثير من التوترات لأبسط الأشياء حتى في المجالات الرياضية التي تعتبر من النشاطات التي تستعين بها السياسة في إعادة العلاقات بين الأنظمة السياسية والشعوب، وجعل نظام مبارك علاقات البلدين ذات حساسية مفرطة، ولا ينسى الكثيرون ما كادت تتسبب فيه مباراة منتخبي مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم الأخيرة في علاقات البلدان الثلاثة. وبهبوب رياح التغيير في المحروسة استبشرت الخرطوم خيرًا وودعت عهد التوترات مع شمال الوادي، وتبادل سياسيو وقيادات البلدين الأفراح والزيارات والتهانئ بعودة «اللحمة والروح» لجسدي البلدين وكان البشير أول رئيس عربي وإفريقي يزور مصر وقد تعاظم سرور الخرطوم باكتساح الاخوان عبر ذراعهم الحزبي (الحرية والعدالة) للانتخابات التشريعية، ولاحقًا فوزهم برئاسة الجمهورية. ولكن تأبى مغامرات الصحفية المصرية شيماء عادل إلا أن تعكر بياض تلك البداية وصفوها، ويأبى مؤيدوها من المصريين وغيرهم إلا أن يعضدوا من الشعور العام للسودانيين ويرسخوا فيه بأن رصفاءهم في شمال الوادي لا ينظرون لجنوبه إلا بأنه الحديقة الخلفية لدولتهم يدخلونها كما يشاءون ويخرجون، وكادت المذكورة تتسبب في صناعة أزمة جديدة بين البلدين وذلك بعد أن ألقت عليها السلطات الأمنية في السودان القبض بسبب دخولها البلاد وممارستها «نشاطًا» دون إخطار السلطات. وعلى الرغم مما فعلت شيماء إلا أن ناشطين وصحفيين مصريين نظموا وقفة احتجاجية أمام السفارة السودانية في القاهرة بالخميس، للمطالبة بالإفراج عن الصحفية المصرية شيماء عادل، وبحسب ما أوردته (الإنتباهة) بالجمعة فإن السفارة تعرَّضت لمحاولات تسلق سورها، ومنع الدبلوماسيين السودانيين من الخروج أو الدخول، وذلك بالرغم من أن السلطات السودانية أوضحت أن شيماء دخلت السودان دون إذن أو تصريح بالعمل أو موافقة مجلس الإعلام الخارجي بالخرطوم وما حدث للسفارة السودانية بسبب شيماء أعاد للأذهان ما شهدته السفارة السودانية في عهد مبارك من أعمال بلطجة واعتداء صريح على السفارة، والاعتداء على طاقمها بالضرب. ووصلت قضية شيماء حد أن يهتم الرئيس المصري محمد مرسي بالأمر ويخاطب بشأنها مساعد الرئيس نافع علي نافع لدى زيارته الأخيرة لمصر. ومن جانبه اكتفى سفير السودان بالقاهرة كمال حسن علي بالحديث عن حسن نوايا السودان الذي أطلق من قبل سراح الصحفية المصرية سلمى الورداني رغم أن بطاقتها المهنية منتهية الصلاحية، مؤكدًا أن الخرطوم أطلقت في الأسبوع الجاري سراح دورية مصرية عبرت الحدود وكذلك صيادين، أنقذتهم قواتنا البحرية من الغرق، في مقابل هذه النعومة السودانية تشير الوقائع إلى أن (190) سودانيًا و(150) عربة سودانية محتجزة لدى السلطات المصرية منذ أكثر من عام بعد أن ضلت مجموعة من المنقبين عن الذهب طريقها داخل الأراضي المصرية، علاوة على أن الصحفيين السودانيين الذين أدوا دورة تدريبية في مصر مؤخرًا احتجزوا لأكثر من أربع ساعات بالمطار، كما احتجز موظف بالضرائب قدم لدورة تدريبية مع زملائه ولم يطلق سراحه إلا بعد انتهاء فترة التدريب. وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان نفى وجود أي مهددات للسفارة السودانية بالقاهرة، وقال إن اتصالاتهم جارية مع السلطات المصرية لتوفير الحماية اللازمة للسفارة، ونفى في حديثه ل (الإنتباهة) أمس أن يكون هناك أي ضعف أو تقصير من السفير السوداني بالقاهرة، على العكس فإن جهوده كانت مكثفة في الصدد نفسه، وفيما قال السفير المصري بالخرطوم «إنه لا مساع لاستدعائه حتى الآن»، وحول منقبي الذهب الذين ضلوا طريقهم لمصر أفاد رحمة الله أن الجهود لا تزال مستمرة لإطلاق سراحهم، وبسؤاله عن طول فترة اعتقالهم التمس العذر للسلطات المصرية بإشارته لما سماه التحولات الكبيرة التي تمر بها مصر في الوقت الراهن. وأشارت بعض المعلومات إلى أن التظاهرات التي حدثت أمام السفارة بسبب احتجاز شيماء شارك فيها سودانيون من حركة العدل والمساواة وتحرير السودان والجبهة الثورية وأن السلطات المصرية تسمح لهؤلاء بحرية الحركة والتظاهر والمشاركة في محاولة الاعتداء على مباني السفارة وهي وإن كانت محاولة لاستغلال الموقف فإنه لم يكن ليحدث لو اتبعت شيماء الطرق القانونية في ممارسة مهنتها في أي بلد كان.