كثير من القيادات قد تصنعهم الصدفة، فمن «مافيش» يجد أحدهم نفسه قياديًا كبيرًا ويقفز بالزانة بلا تأريخ ولا إرث، ولاعطاء سياسي... هذا الأمر كثيرًا ما يحدث لكن أن يصل المرء إلى منصب دستوري مرموق بجميع مخصصاته، وامتيازاته عن طريق تشابه الأسماء، فهذا ما لم يكن مألوفًا، وقد حدث مرة واحدة في تاريخ السودان، لكن كيف..؟ ... حسنًا : بينما كان المواطن «...» جالسًا وسط أصحابه يحتسي القهوة، يشكو هموم المعيشة ومشكلاتها ويتجاذب أطراف الحديث معهم، فإذا بالمواطن نفسه يسمع اسمه «رباعي» عبر المذياع ضمن عدد من الدستوريين لشغل مناصب دستورية مرموقة... وقبل أن يُفيق من هول المفاجأة السعيدة وجد نفسه مغمورًا بسيل من التهاني ومحاطًا بسياج من البطانة والحاشية، وألواح التلج المكسّرة... الأهل والمعارف والأصدقاء و«المتزلفون» نحروا الإبل والأبقار، فكان ذلك يوم فرحة عارمة وابتهاج ... احتفل أهل الحلة باختيار ابنهم لذلك المنصب الدستوري الرفيع .. وفي الصباح الباكر شد صاحبنا الرحال إلى القصر الجمهوري، وأدى القسم أمام الرئيس عمر البشير ضمن الدستوريين الذين تم اختيارهم، الى هنا كل شيء على ما يرام... وفي اليوم التالي جاء إلى القصر الجمهوري قيادي إسلامي كان مغتربًا بإحدى دول المهجر كان قد تم ترشيحه لذات المنصب ووافق لشغله وبناء على ذلك اختير وطُلب منه الحضور بشكل نهائي لتولي الموقع، والانخراط في «المسيرة القاصدة» وقد فعل لكنه تأخر يومًا كاملاً فجاء لأداء القسم في اليوم التالي، فقيل له كل المرشحين لشغل المناصب الدستورية أدوا القسم أمس ولم يكن هناك غائب منهم حتى تأتي أنت اليوم وتقول إنك منهم ..!!!، قال: أنا فلان وقد تم ترشيحي من قبل علي الحاج ووافق على اختياري شيخ حسن والبشير وشيخ علي، كلهم وافقوا على إختياري ، وبناء على ذلك، عدت من المهجر وتركت وظيفتي المحترمة هناك ولبّيت نداء الوطن، وسمعت اسمي ضمن الطاقم الذي تم اختياره، بس وروني دا مين ده اللي أدى القسم بدلاً مني ونهب منصبي، وأبرز بطاقته بنفس الاسم الذي وجده في قائمة الدستوريين، هنا الدهشة لفّت المكان ولما تبينوا الأمر اتضح لهم أن المواطن الأول الذي سبقه إلى أداء القسم اسمه مطابق تمامًا إلى الجد الرابع مع صاحبنا القيادي المغترب، فرجعوا له: يا فلان إنت «المنصب» الشلتو دا ما حقك، أخدتو بالغلط، والمقصود ما إنت، المقصود «شيخ فلان» ده، ونحنا ناديناهو وجبناهو من السعودية... تسمّر صاحبنا من شدة الدهشة وخيبة الأمل وقال ليهم في الحال: ياجماعة شنو الكلام الغريب البسمع فيهو دا: شلت المنصب بالغلط!!! هو أنا دخلت جامع وشلت لي جزمة ما حقتي؟!! منصب زي ده، كيف أشيلو بالغلط؟!! نحن دولة ولاّ شغالين خضار في سوق الملجة؟!!.. أخرج بطاقته بغضب: هاكم تأكدوا من اسمي، كدي شوفو في حاجة بتخليني أشكك في إنو دا ما إسمي؟ أنا سمعت اسمي وجيت أديت القسم ، وما في حد أحسن من حد، وأنا أديت قسم والله تاني ما أتنازل لأي مخلوق!!!... بعد شويتين الجماعة وقعوا فيهو جودية: كدي ياحاج فلان باركها، وإتنازل، عايِن «أخونا شيخ فلان» ده جا من السعودية وخلَّي أحسن وظيفة، ولبى نداء الوطن وعايز يضحي من أجل الوطن... قال صاحبنا على الفور: وأنا برضو لبيت نداء الوطن وعايز أضحي، أنا ما سوداني، ولاّ ما بستحق أضحي وألبي نداء الوطن ؟؟؟!!! أنا جيت القصر الجمهوري ده ساكت؟؟، ما سمعت اسمي؟، شوفو يا جماعة أديكم الكلام من الآخر أنا ما بتنازل دوت كي، أنا أديت قسم بأني «لا أفرِّط» وهسي عايزني أفرِّط في المنصب ذاتو قبال أمسكو؟!!!... بعد شوية تدخلت شخصية رفيعة جدًا في الدولة وربتت على كتف القيادي الإسلامي، وقالت ليهو: خلاس احتسب يا شيخ، طالما الزول ده مُصر، نحن حنعوِّضك في مكان أحسن، وفعلاً « شيخ فلان» عوضوهو تعويض باسم الله ما شاء الله.. وأما صاحبنا فانخرط ليك في «المسيرة القاصدة» وبقي من منصب لي منصب من الزمن داك لي هسي حتى علي الحاج الرشحو ما ضاق الضاقو هو... أبو الزفت..