أسامة سليمان من السودانيين الذين غادروا السودان «اغتراباً» منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً.. يعمل الآن بصحيفة الجزيرة بالمملكة العربية السعودية، بجانب مساهماته ككاتب في عدد من الدوريات والمجلات والمواقع الإلكترونية.. وبجانب ذلك فهو يكتب الشعر فقد صدر له ديوانا شعر آخرهما قبل شهور بعنوان «اجتراح الكتابة».. التقيناه في «حصاد الغربة» وقلّبنا معه بعض المحاور فإلى إفاداته: منذ متى وأنت مغترب.. وماهي الدوافع الأساسية للاغتراب.. وما الذي وجدته؟ دام اغترابي ثلاثة عشر عاماً تقريباً - غير سنوات الدراسة بالطبع ثلاثة عشر عاماً قضيتها أختبر المراسي والموانئ والمطارات.. أكابد الشوق وأهم بالعودة في كل ليلة ولكني أفشل، تسأليني عن الدوافع التي دعتني للاغتراب.. أحياناً لا أحب تسميتها بالدوافع لكن أحياناً تضيق أرضنا وظروفنا بأحلامنا، وحينها يكون الاغتراب ومغادرة الوطن هو الخيار الأوحد.. في الغربة وجدت أشياء، وفي عجلة مغادرتي البلاد ربما نسيت أن أحمل معي ما لا يوجد إلا في السودان. هل كانت تجربة اغترابك إضافة لك أم خصماً؟ الغربة إضافة وخصم.. الغربة تخصم من جهةٍ وتضيف من أخرى.. هذا الأمر يمكن حسابه ببساطة امتلاك الواحد منا عدداً من الخبرات والمعارف والتجارب على المستوى الإنساني والمعرفي.. لكن بالتأكيد الغربة تخصم الكثير جداً من الرصيد الاجتماعي.. وهذا مؤثرٌ جداً بالنسبة لي. هل يعيش السودانيون في المنطقة التي تعيش فيها أو في مكان عملك في تواصل أم لا؟ السودانيون في المملكة العربية السعودية كادوا ينسون أنهم في غربة، بفضل أعدادهم الكبيرة وتواصلهم في المناسبات الاجتماعية والقومية وبفضل الروابط الاجتماعية والثقافية التي تنشط في هذا المجال، وأيضاً طبيعة الحياة في الدول العربية والإسلامية لا تجعلك غريب اليد واللسان. ما الذي يفقده السودان من اغتراب عقوله وخبراته المتمثلة في أبنائه وهل من اضافات له؟ الاغتراب عملية تفريغ البلد من طاقاته وإمكاناته وتجاربه وخبراته.. وتفريغ كذلك لأبنائه الذين هم بمثابة الوقود الحقيقي للبلاد.. كما نجد ان العالم اتجه للاستثمار في الإنسان وتأهيله لدفع عجلة التنمية في البلاد وهذا يسمى «التنمية البشرية»، قد نتحدث عن خبرات مكتسبة، وبعض العوائد الاقتصادية لكنها قطعًا لا توازي ما تهدره الغربة من طاقات لأبنائه، فالبلاد أحوج ماتكون إليها في الوقت الراهن من أي وقتٍ مضى. ك شاعر وإعلامي ماذا أخذت منك الغربة وماذا أعطتك؟ الغربة تجعل الشاعر مرتبطاً وجدانياً بوطنه بشكل كبير، يتمثل له الوطن في كل لمحة ما ينعكس على إنتاجه، أعني أن حالة الفقد تجعله في حالة وجدانية خاصة، هذا ما أعطتني إياه الغربة، كذلك أعطتني فرص نشر واسعة، وأخذت مني ذلك المتلقي السوداني الذي يعني لي كل شيء.. إنما على المستوى الإعلامي فبالقطع أضافتْ الي جملة من الخبرات والتجارب أتمنى أنْ أفيد بها عند عودتي للبلاد وأساهم مع كثيرين مثلي في تطوير حركة الإعلام في السودان. ماهي أمنياتك وطموحاتك على المستويين الخاص والعام؟ كشاعر طموحي على المستوى الشخصي قطف تلك القصيدة التي مازالت تأتلق على أفق الجمال، وعلى المستوى العام أتمنى أن يجني عالمنا العربي ثمار ربيعه.. وأظنه حلمًا قريب التحقق.