إن كانت حقبة دولة بني أمية في عصور الإسلام الأولى قد وجدت الكثير من النقد والمعارضة من مسلمي ذاك الزمان، إلا أن نفس الدولة خرجت على المسلمين بخامس الخلفاء الراشدين بعد انقطاع دام سنوات طوال من خليفة للمسلمين لا يظلم عنده أحد، فشكوى أهل العراق من إجحاف الحجاج بن يوسف الثقفي جعلتهم يخرجون عليه ويعلنون تمردهم على دولة عبد الملك بن مروان، وقصفه للكعبة الشريفة من أجل إخراج عبد الله بن الزبير جعل والده يحارب ضده ويغضب عليه ومات وهو كذلك، ولم يكن الحجاج سواء أمير لدى دولة بن أمية وكذلك كان عمر بن عبد العزيز أميرًا ثم خليفة للمسلمين ولكن حياته وهو خليفة كانت أشد تقشفاً من هو أمير خوفاً من تسلسل مال المسلمين عليه، وربما لهذا أطلق عليه خامس الخلفاء الراشدين باعتبار أن كل من حكم المسلمين بعد سيدنا علي كرم الله وجهه لم يسيروا على نهج من سبقوهم في خلافة المسلمين، وتحول حال الإسلام وتبدل وبدأ العد التنازلي بعد إن كانت دولة المسلمين في قمتها بالفتوحات الإسلامية، ولكن السلطة وحب الحكم جعل المسلمين هم الأضعف بعد القوة. وإلى يومنا هذا السلطة تجعل المسلمين ضعاف النفوس وسط بريقها ولمعانها وأصبح التفكير في الكرسي الوثير وليس خدمة البلاد والعباد وحتى أهل الإنقاذ الذين جاءوا بشعارات الإسلام البراقة، أصبحت السلطة هي هدفهم الأول، فكم من وزير يسع« إلى «تلميع» نفسه قبل أي تشكيل وزاري، وكم من وال يغضب حينما يتسرب إليه ابتعاده عن كرسي السلطة، وكم من مراقب يسعى بكل ما أوتي من إمكانات لوضع اسمه في قائمة المرشحين لهذه الوزارة أو تلك الولاية، وكم من..... وكم من......، يسعى إلى السلطة والبعض لا يستطيع العيش دون ذاك الكرسي الذي احسبه من نار لمن لا يخاف الله في مهامه.احلم وغيري كثيرون برجل نزيه يرفض الولاية خوفاً من عدم العدل فيها أو استحالته خاصة في ولايات السودان الشاسعة، وأحلم كذلك بوالٍ يختار كل ست أشهر عاصمة لولاياته من أجل إحداث التنمية فيها وليس التركيز على عاصمته التي يفتتح فيها الرئيس بعض المنشآت التي لا تستحق عناء السفر من الخرطوم إلى تلك الديار، وأحلم كذلك بوالٍ يسعى إلى تحقيق التنمية للمواطن وليس لقادته في الحزب، والذي يسعى لإرضاء رعيته لا إرضاء خاصته ورؤسائه، ونرجو أن تتحقق بعض أحلامنا هذه مع صعوبة تحققها في هذا الزمان كما كانت عصية على من هم أقرب منا للإسلام.