عقب التحولات التي شهدتها البلاد والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أجبرت القيادة السياسية على مراجعة تجاربها وسياساتها فانتهجت خطة التقشف وتقليص الإنفاق الحكومي ودمج الوزارة أضحت عليها الآن في المركز والولايات نجد أن هنالك مستوى لم يطرأ عليه تغيير يذكر في أغلب ولايات السودان حيث لم تصل تلك السياسات التقشفية للمحليات الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات عن الأسباب وراء ذلك، ويرى الكثيرون أن محليتي ريفي غرب كسلا وتلكوك بولاية كسلا لم تستطيعا أن تحدثا فرقًا على مستوى الخدمات الأساسية على أرض الواقع، بل يرى آخرون أنها أصبحت خصمًا على الحكومة الولائية، وتشكل عبئًا مستدلين بمستوى ما قدمته محلية ريفي غرب كسلا حيث لم يتجاوز عدد مدارس الأساس بها الأربعين مدرسة فيما توجد مدرستان ثانويتان فقط في كل قرى وأحياء المحلية، ولعل هذا مؤشر بسيط يعكس مردود تلك المحليات ومدى صلاحياتها في إحداث التنمية المنشودة.. ففي الدستور الانتقالي لجمهورية السودان للعام «2005م» فقد أصبح الحكم المحلي أحد مستويات الحكم في السودان ويعمل على تعزيز وتنظيم الحكم المحلي، ونشير هنا إلى الدراسة عن الحكم المحلي والتي رفعت لمجلس الوزراء جاء ما يلي: «الموارد المالية للحكم المحلي حالياً ضعيفة للغاية ولا تمكن المحلية من القيام بدورها في تقديم الخدمات وتحقيق التنمية المحلية بل أنها في أغلبها تفتقر للموارد الذاتية الحقيقية ولهذا الوضع أصبحت المحليات تلجأ لفرض مزيد من الضرائب والرسوم وتحولت المحليات لوحدات لجباية الرسوم دون تقديم خدمات مقابل تلك الرسوم مما أنتج عنه حالة من السخط وعدم الرضا وسط المواطنين عن أداء المحليات، ولأن المشاركة الشعبية ظلت غائبة فقد أصبحت المحليات عبارة عن إدارات محلية يديرها الموظفون، ويرى الدكتور ياسر إبراهيم حسان أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أن السبب وراء الابقاء على تلك المحليات بل وزيادتها إن أمكن لحكومة الولاية يعود لما تحققه تلك المحليات من ربط لخزينة الولاية دون المراعاة لقيم ومفاهيم الحكم اللا مركزي والذي ليس بالضرورة أن يكون ملائمًا في كل الأحوال فقد يمكن فعلاً أن يؤدي إلى تدني نوعية إدارة الحكم، ففي ولاية صغيرة كولاية كسلا يمكن للحكومة الولائية أن تقلص عدد تلك المحليات وأن تحقق قدرًا أعلى من الفاعلية من خلال تنسيق العمل بدلاً من إيجاد كيانات محلية غير مستقلة ذاتيًا في تصريف شؤونها وتحقيق تنميتها.. علمًا بأن الولاية لا تتعدى مساحتها «45.500» كلم ولا يتجاوز ساكنوها مليونين وتحظى «بإحدى عشرة» محلية.