أعجبتني مقالة للدكتور فيصل القاسم التي كانت في صفحته بالشبكة قبل فترة التي كأنها مفصلة على المغتربين السودانيين وإليكم منها بعض المقاطع: يقول د. فيصل: مهما طالت سنين الغربة بالمغتربين، فإنهم يظلون يعتقدون أن غربتهم عن أوطانهم مؤقتة، ولا بد من العودة إلى مرابع الصبا والشباب يوماً ما للاستمتاع بالحياة، وكأنما أعوام الغربة جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب.. ومقطع آخر يقول فيه: فكم من المغتربين قضوا نحبهم في بلاد الغربة وهم يرنون للعودة إلى قراهم وبلداتهم القديمة! سبحان الله؛ هذا هو حالنا؛ لأننا وكما قال طارق بن زياد لجنوده عندما حرق قوارب الجنود لكي لا يتجابنوا (البحر من خلفهم والعدو من أمامكم فأين المفر) والله هذا هو حالنا؛ فلا بلادي مستعدة لاستيعاب هذه الأعداد الهائلة من البشر عندما تحدث الهجرة العكسية ولا الآخرون مستعدون لاستضافتنا فترة أطول مما قاموا به مشكورين.. وقال أيضًا د. فيصل القاسم: وكم من المغتربين عادوا فعلاً بعد طول غياب، ولكن لا ليستمتعوا بما جنوه من أرزاق في ديار الغربة، بل لينتقلوا إلى رحمة ربهم بعد عودتهم إلى بلادهم بقليل، وكأن الموت كان ذلك المستقبل الذي كانوا يرنون إليه.. بالله أليس هذا هو حالنا كلنا أيها المغتربون السودانيون؟ نعم هذا هو حالنا وأنا أولهم؛ فالمغترب يريد أن يوقف عقارب الساعة أو على الأقل يرجعها إلى الوراء حتى تتاح له الفرصة أن يعيش هذا الحلم؛ حلم العودة إلى الوطن والعيش الرغيد لكن هل المنية في انتظارنا أو أنها تؤجل «إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون» صدق الله العظيم. وقد أعجبني مقطعًا آخر حين قال: أيام الصغر، وذات مرة كنت أستمع إلى أغنية كنا نحبها كثيراً أنا وإخوتي في ذلك الوقت، فلما سمعتها في الراديو ذات يوم قمت على الفور بإطفاء الراديو حتى يأتي أشقائي ويستمتعون معي بسماعها، ظناً مني أن الأغنية تنتظرنا داخل الراديو حتى نفتحه ثانية.. ولما عاد أخي أسرعت إلى المذياع كي نسمع الأغنية معًا فإذا بنشرة أخبار.. وهذا حالنا نحن المغتربون السودانيون بالذات، نريد أن نوقف الزمان ونعود شبابًا حيث كنا قبل «30» عاماً لكن هيهات هيهات.. وفي فقرة أخرى يقول د. فيصل القاسم عن لسان الشاعر الروماني هوراس فكان يقول قبل ثلاثين عاماً قبل الميلاد: سعيد وحده ذلك الإنسان الذي يحيا يومه ويمكنه القول بثقة: أيها الغد فلتفعل ما يحلو لك، فقد عشت يومي.. إذن أيها المغترب عش يومك ولا تنتظر العودة خاصة إلى بلادي حيث لن يستقبلك أحد، وأبلغ من هذا حديث الصادق المصدوق عليه صلوات الله وسلامه النبي المختار حين يقول: «من بات آمناً سربه عنده قوت يومه فكأنما ملك الدنيا بحذافيرها».. أيها المغترب وليس كل المغتربين بل المغترب السوداني عليك أن تعيش حيث أنت ولا تفكِّر إلا في يومك والله معاك ومعانا وختامًا أتشبث بقول الشاعر: بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام وختاماً سلام يا مغترب.. فضل عبد العال فضل