طالعتنا مانشيتات معظم الصحف في صدر أغسطس ونهاية يوليو «2012» تحمل خبرًا بأن استفتاء أبيي سيكون في الشهور القادمة تحت وصاية ومراقبة الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي وذلك بضغط من مجلس الأمن وإن صح هذا الخبر الذي لم تعلنه الدولة عبر مفاوضيها حتى الآن ولا ندري كيف تناقلته وسائل الإعلام وهل تسرب من مفاوضي الجنوب أثناء انعقاد جلسات التفاوض بأديس؟ صحة هذا الخبر تعني بالنسبة لنا في ديار المسيرية والسودان تسليم أبيي تسليم مفتاح للجنوب الذي لم تكن الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي إلا أدوات طيعة في يد الجنوب والغرب الذي لم تكن عنده أحداث ساعة اليوم في سوريا ومسلمي الروهينغا في ميانمار حاضرة مثل حضور أبيي وتحديد سقف زمني على ضوء القرار «2045» ويا للعجب وكيف يكون الجلاد حكمًا وفصلاً ومراقبًا؟. حقيقة لا بد من كشفها كمجتمع مسيرية نرفض الاستفتاء جملة وتفصيلاً لأن الاستفتاء في ظل تآمر دولي تشارك فيه منظمات كنسية دولية نتيجة الحكم عندها في النزاع معلومة مسبقًا يعني بأن المسيرية يستفتون في ديارهم أمام مجتمع دولي متآمر مع دينكا نقوك الذين يصوت معهم كل الجنوب ونتيجة ذلك حتمية تسليم أبيى تسليم مفتاح وبذلك يكون شكّنا جانبه الصواب بضياع أبيي منذ أن وضع لها بروتوكول خاص بنيفاشا «مشاكوس» يجرد المسيرية حتى من اسمهم في بطون الاتفاق من حيث المواطنة واعتبارهم رعاة عابرين يستجدون حق المرعى والطريق وتلك جريمة وخطأ تفاوضي حتى أبناء المسيرية شركاء فيه ونتاجه تقرير الخبراء الأجانب الذي اقتطع نصف أرض المسيرية وكذلك محكمة لاهاي التي مشت على خطى تقرير الخبراء وتدور الدائرة اليوم بتلميحات استفتاء مراقَب من الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة وتلك منظمات تكمل تلوين وتجميل لوحة سيناريو مجلس الأمن المرسومة بدقة وعناية من وضع شعب المسيرية في «كنتونات» أشبه بسجن غزة الكبير وتصفيتنا بمثل ما يجري في بورما لمسلمي «الروهينغا» على يد البوذيين. السؤال الذى يطرح نفسه كيف نستفتى فى أبيى والبروتكول أعطى أحقية الاستفتاء لدينكا نقوك وغيرهم من السودانيين الآخرين؟ واضح جدًا أن تصميم البروتكول مفصل بالمقاس حيث أنكر اسم المسيرية في المواطنة ونحن مواطنون والآخرون ضيوف، ومنطق العقل يقول لايستفتى المرء فى داره ونفس المجتمع الدولى «الغرب» الذى يفرض علينا محو الهوية يعطى الأشخاص الذين يقيمون فى تلك البلاد لمدة ثلاث سنوات الجنسية والجواز وحقوق المواطنة كاملة غير منقوصة فى الانتخاب وكل الحقوق والواجبات ونحن عندهم يستفتوننا فى ديار اكتشفناها وعشنا فيها قرون عددًا لا أنس ولا أنيس وبخصوص أبيى المجتمع الدولى لا يسمع لرأى ولا يطلع حتى على الخرط المستخرجة من المستعمر نفسه والتى تثبت أحقية المنطقة التابعة لديار المسيرية فى كردفان عام 1905 توضح حتى المنطقة التى لم تستطع جهات الاختصاص تحديدها بل اعترفت بالفشل فى ذلك «تقرير الخبراء» والخبراء ولاهاي ساد حكمهم «التخمين» واليوم نسمع التسريبات عن وصاية أمم متحدة واتحاد إفريقى بخصوص الاستفتاء فى غياب تام للمنظمات العربية والدول العربية وحتى منظمات التطوع الإنسانى الإسلامى لم نشهد لها عملاً من أجل المساعدة فى التوطين بسبب أرض إسلامية يجرى التخطيط كنسيًا لأخذها، نريد موقفًا مشابهًا للمنظمات الأجنبية التى تعمل ليل نهار بتوجيه من حكومة الجنوب على الجانب الآخر جنوب أبيي.. كشعب مسيرية لا نثق ولا نصدق أبدًا لأن كل مرحلة من مراحل حل قضية أبيي تمكن شوكة الخاصرة بتكرار الأخطاء وذلك امتثالاً لقول الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين» وذلك يعنى الحذر فى تدبر الأمر من الخداع أكثر من مرة حتى لا يكون واقع الضرر بما يدخل فية ضرر دينى وضرر دنيوى فينبغى للمؤمن أن يكون كيسًا فطنًا متيقظًا إذا أخطأ فى المرة الأولى أن يستفيد من خطئه الأول لكن يبدو أننا سنلدغ من جحر أبيى مرات ومرات. لن نساق الى استفتاء أبيى كقطيع الأغنام بلا رأي أو مشورة الأممالمتحدة والإتحاد الإفريقى ومحكمة لاهاى ومن شايعهم لهم ملفات من حيث الأسبقية تنتظر الحلول منها كمثال النزاع الحدودى مابين أثيوبيا وإرتريا وملف الصحراء الغربية وكشمير وبؤر كثيرة لماذا أبيى الآن؟ إذا تدحرجت الأمور على هذا المنوال الماثل أمامنا اليوم بتعنت دينكا نقوك ورفضهم مشاركة حكم المنطقة فى الإدارية والمجلس التشريعى وهو الأساس للتعايش والمشاركة في أحقية المنطقة بحكم تعاطف الغرب ومحاولة ضم أبيي الى الجنوب بلي الذراع وبزعم أن مجلس الأمن سيأخذ أبيي عنوة مع شماليتها حتى الآن ويقدمها لهم في طبق من ذهب فهذا وهم ليس لي الا أن أقول للمسيرية صراحة قول الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا * وإذا أفترقن تكسرت أحادا وهنا وجب الموت دون تجهيز أكفان موت من أجل الدين والأرض والعرض على طول الشريط وهنا تأتى لحظة الندم على الموت المجاني الرخيص بين المسيرية أنفسهم بين فرعي «أولاد سرور وأولاد هيبان» وبين «المسيرية والرزيقات»، لست داعية حرب لكن للضرورة أحكام ومعطيات للتعامل مع عدو هدفه الأول والأخير مسح عرقية من يشاطرونه المسكن والزرع والمرعى.. وبالرغم من ذلك نحن أهل تعايش والمسيرية ونقوك لا بد من تعايش وفرض واقع قبول بالآخر ونعلم بأن السلام هو مطلب الشمال والجنوب بعد طول حرب، فلتكن أبيى جسرًا للسلام والمودة والتآخي وحلقة وصل وميناء حقيقي لتبادل المنافع بين البلدين.