قبل أربع سنوات أو أكثر، قُتل الصحافي الأمريكي تشونسي بيلي فيما كان في طريقه إلى العمل. وفي غضون أسابيع، تجمعت مجموعة من الصحافيين المحليين، من بينهم ممثل للجنة حماية الصحافيين، تحت مسمى مشروع تشونسي بيلي لإنهاء عمله والبحث في النشاط الإجرامي في المخابز المحلية والتحقيق في وفاته. وفي 9 يونيو من العام الماضي جاء النصر في النهاية: فقد أدين المدير والموظف بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى، حسب لجنة حماية الصحافيين ومنظمة (مراسلون بلا حدود) هذا ما عبرت عنه وسائل الإعلام عن وضع الصحافة في العالم، وكنموزج ما يتعرض له الصحافيون في العالم. وعندما اعتقلت الصحافية المصرية (شيماء عادل) في السودان بسبب تخطيها الحاجز الأمني للدولة واستخفافها بالعرف في كل دولة بأخذ الإذن عند الدخول، قامت الدنيا في القاهرة ولم تقعد وكأنما الحكاية (سُبَّة) كبيرة ارتكبتها الخرطوم تجاه مصر، رغم أن كثيراً من الصحافيين والصحافة السودانية تعاني الأمرين في مصر، وما نسب إلى رئيس الإتحاد العام للصحافيين السودانيين بأنه يعامل مثل بقية المواطنين بمطار القاهرة واحدة من النماذج والعتاب الحار الذي يحمله السودانيون تجاههم ولكن هذه حال الصحافة والصحافيين بأنها مهنة المتاعب في ظل ظروف وأوضاع تختلف من نظام لآخر، ومن قطر لآخر، وربما حال الصحافة في السودان لا يختلف عن بقية البلدان. ولعل ما نشرته صحيفة (القارديان) البريطانية بأن المدير التنفيذي للصحيفة عبر عن استيائه لقيام شرطة سكوتلاند يارد باعتقال صحفي آخر من صحيفة ال(صن) للتحقيق معه حول قضايا فساد، دفعت فيه أموال لمسؤولين. ويقول المدير التنفيذي للصحيفة في رسالة شديدة اللهجة إلى الشرطة عبّر فيها عن استيائه من تجاهل النداءات السابقة بمراعاة كرامة الصحافيين. واكد أن عدد الصحافيين المعتقلين في بريطانيا وصل حتى الآن إلى(14) صحافياً في حملة التحقيق التي تقوم بها شرطة سكوتكلاند يارد حول رشاوى دفعت لمسؤولين، بالاضافة إلى اعتقال ثلاثة آخرين من صحيفة ال(صن) في فضيحة التنصت الهاتفي. واشار إلى أن هؤلاء تم اعتقالهم في منازلهم مبكرا وأمام عائلاتهم، وهو الأمر الذي ازعج المدير التنفيذي للصحيفة. وهى حملة اطلق عليها (weeting elveden) . وحال الصحافيين لا يختلف بالضرورة عن كثير في بلاد المشرق عن بلاد المغرب، ففي أكثر البلدان ديمقراطية وحرية نجد أن الصحافيين يعانون الأمرين لذلك يقول علماء السياسية والصحافة والإعلام إن الأمر مرتبط بالحرية والمسؤولية. ويرى أكثرهم أنه ليست هناك حرية مطلقة في العالم فهي محددة دائما بمصالح الآخرين، ومتى ما مست تلك المصالح تتحدد الحرية وبتالي نجد أن أمر اعتقال الصحافي يختلف من دولة لأخرى.ولعل ابرز ما يوضح ذلك بأن الشرطة الأمريكية اعتقلت العام الماضي فريق تصوير تابع لقناة «روسيا اليوم» الناطقة بالانجليزية، وذلك أثناء تصويره مظاهرة احتجاج قرب قاعدة فورت بينينغ العسكرية في ولاية جورجيا. بالاضافة إلى اعتقال ثلاثة صحافيين يقومون بتغطية مظاهرات احتلوا «وول ستريت» ، وضربهم ورشهم بسائل الفلفل الحار. وقالت السلطات الأمنية هناك يجب على الصحافيين الراغبين في تغطية التظاهرات أن يستوفوا متطلبات معينة لمنح الإعتماد الصحافي من شرطة نيويورك، من بينها نشر أو بث أخبار عاجلة ما لا يقل عن ست مرات خلال السنة الماضية، حسب (مراسلون بلا حدود) فيما تم اعتقال مدير مكتب وكالة أنباء «رويترزر» في عمان سليمان الخالدي واثنين من الصحافيين الاردنيين العاملين في شركة ( اب اس ) وهما أكرم أبو صافي وصبحي العسل من قبل السلطات السورية إلى جانب اعتقال عدد من الصحافيين المتعاونين مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي . بي . سي) في إيران بتهم تحريض صحافيين إيرانيين على مغادرة البلاد والعمل لمصلحتها في بريطانيا. وذكر المصدر أن المعتقلين يواجهون اتهامات بارتكاب عدد من الجرائم الأمنية وسيحالون قريباً إلى المحاكمة. ويبدو أن قضية الاعتقال ليست بمعزل عن الحالة العامة في السودان، بيد أن الحالة تضاف إليها الصبغة السياسية وتصبح مدخلا للهجوم على الدولة. وهناك أكثر من حالة التي عبرت فيها عن الاعتقالات بالسودان منها ما نظمه عدد من الصحافيين بالقاهرة أمام مقر السفارة السودانية بشارع القصر العيني مؤخرا للمطالبة بالإفراج عن الصحفية شيماء عادل التي أُعتقلت بالخرطوم وأُفرج عنها بعد تدخل الرئيس مرسي. إلى جانب مناشدات المركز العربى الأوروبي الذي يستنكر إعتقال صحافيين وإعلاميين فى السودان، ويطالب السلطات السودانية باطلاق سراحهم. وكثير من مراكز الحقوق والدفاع عن الصحافيين التي طالبت بالإفراج عن الصحافيين المعتقلين، لقد عبر المدير التنفيذي لصحيفة ال(صن) عن خشيته من استمرار الحملة ضد الصحافيين، رغم الدفوعات القانونية. وقال إنه مستاء من تجاهل الشرطة لنداءاته السابقة بالمحافظة على كرامة الصحافيين، وهو الأمر الذي اغضب الصحافيين بالمؤسسات الأخرى وزملاءهم من قضية الاعتقال. اذن الأمر سيان في العالم، ولكن رد الفعل يختلف من دولة لأخرى، ولذلك اعتقال الصحافيين حالة عامة لأوضاع خاصة، وإن كانت في بريطانيا أو أمريكا.