إجماع على وزير واحد.. والآخرون في مهب الريح.. هذا هو الحال أو الصورة الآن في بحر أبيض. قد يختلف الناس في بحر أبيض وخاصة أهل السياسة بكل ألوانهم، وربما يختلفون في كل شيء لكني وأنا عائدة من النيل الأبيض بعد أيام قضيتها مع أهلي في مدينة الفشاشوية بمناسبة العيد، وعائدة كذلك من مدينة مرابيع ود اللبيح، وما بين المنطقتين تفاوت في أشياء عديدة في مجالس السياسة وفي الرؤية لقضايا البلد، فالأولى على الضفة الغربية للنيل على بعد «25» كيلومتراً من كوستي، والثانية على الضفة الشرقية ومجاورة للعاصمة التاريخية للأنصار الجزيرة أبا، وكنت في المرابيع لأداء واجب العزاء في عميد أسرتنا وعمنا الكبير المرحوم الطيب ود المأمور، أحد أعلام المرابيع الذي رحل في 16 رمضان. أقول ذلك لأن واجب العزاء في المرحوم جمع كل أطياف بحر أبيض بألوانهم السياسية المختلفة، وجمع كل رجالات الحكومة من ولاة سابقين والوالي الحالي يوسف الشنبلي جزاه الله خيراً. نعم لقد رسمت لي هذه الجولة صورة واضحة للأوضاع في النيل الأبيض، تلكم الأوضاع التي تسيطر عليها هذه الأيام إرهاصات تشكيل السيد الشنبلي لحكومة جديدة في إطار تقليص الوزارات والهياكل الولائية للحكم، الأمر الذي يقتضي أن يفقد كثيرون حقائبهم الوزارية.. والأمر الثاني هو موجة الغلاء التي خلفت كساداً في الأسواق وحالة من اليأس بين المواطنين، لكن موجة الغلاء هذه تغطي عليها لحد كبير أماني الناس وعشمهم في الحكومة المقبلة. والمؤشر المهم هنا أن من بين طاقم الشبلي الوزاري هناك وزير واحد يجمع أهل النيل الأبيض على أن تعاد فيه الثقة، وألا يخرج من الوزارة، ذلكم هو الاقتصادي حافظ عطا المنان. ويقول الناس هناك ويقول الشارع في ربك وفي كوستي وفي بعض الأرياف، إن حافظ عطا المنان وجه جديد في حكومة الولاية، لكنه أثبت وجوده ونفوذه في فترة وجيزة، وباختصار شديد فإن نجاحات عطا المنان مردها إلى أن الرجل شخصية اقتصادية، وقد خدم في وزارة المالية حتى تقاعد للمعاش، وبالتالي فهو خير العارفين بمداخل إدارة المال العام، وشاطر في الحصول عليه وتوظيفه، وله القدرة على اختراق كل الأبواب والدخول على كل المسؤولين من واقع معرفته السابقة بهم إبَّان عمله بوصفه قيادياً في وزارة المالية وفي لجنة الخصخصة، ثم إنه بجانب ذلك خبير له اجتهاداته ورؤاه في المجال الاقتصادي، وهو رجل متعاون وله سعة لقبول الغير، والتعامل في محيط مختلف مثل محيط السياسيين من طراز سياسيي بحر أبيض، لذا كان خير معين للشنبلي في مسيرة الأشهر الماضية من حكمه للولاية، غير أن هناك شخصية أخرى هي في حد ذاتها مثيرة للجدل، لكنها تحظى بقبول نوعي ربما لجهوده في الريف في مجال الخدمات الزراعية، ذلكم هو الوزير أحمد بابكر شنيبو.. أما الوزير المهندس علي آدم عليان، فرأيي الخاص، وهو بالطبع رأي غير ملزم لكنه أقرب لرأي عامة أهل الريف في بحر أبيض، هو أنه رجل الحكمة وسعة البال، وإشراقات التعليم في الولاية تحتاج لاستقرار في الوزارة يبلغنا الهدف المنشود، مع أنني لا أنكر منطق الولاء الخارجي بحكم المنطقة.