في إطار سلسلة جلساته أقام صالون مفاكرات بمنزل الأمين السياسي لوطني الخرطوم، د. نزار خالد محجوب جلسة مفاكرة تحدث فيها البروفيسور حسن مكي حول الربيع العربي والقرن الإفريقي ومآلات ذلك على السودان والمنطقة ككل، بمشاركة واسعة من إسلاميين ومثقفين وقيادات حزبية رفيعة.. في هذه المساحة نورد تعليق بعض الحضور على حديث مكي وتعقيب الأخير على المداخلات: القيادي بالاتحادي الأصل د. علي السيد أكد أن الصراع في القرن الإفريقي بين عرب وأفارقة، وفي حقيقته صراع حول الموارد، وأن التغيير الذي جرى في مصر سيجعلنا أمام معضلة أساسية، كيف سنتعايش مع قضية المياه، ورحج تغير الأمور برحيل زيناوي. وتنبأ زيارة الربيع العربي للسودان وقال إن الحكم الآن قائم على انقلاب كما جرى في مصر التي انقلبت 1952م، وقال إن الحل يكمن في بسط الحريات والتداول السلمي للسلطة. أما الأمين العام لحزب الأمة القومي د. إبراهيم الأمين: جزم أن النظام ليس بمقدوره وحده حل مشكلات السودان، وسخر من رهن الإرادة لجماعات مسلحة تريد بالبندقية فرض حكمها، ودعا للتوافق بين القوى السياسية، وقال لا يخالجني شك البتة في وطنية الحكومة أو المعارضة. بينما أشار الكاتب الصحفي عبد الله آدم خاطر إلى إن قيادات الحكومة الآن هم أبناء الجامعات الغربية والثقافة العالمية، ما مكنها من معرفة طبيعة السياسة العالمية الجديدة، وتأسف لعدم إدراكها للتغيرات التي جرت في العالم، وأكد أن مشكلة السودان في مثقفيه، وأكد أنهم مستلبون، وتنبأ بحدوث أسوأ مما حدث في العالم العربي حال لم يغيِّر الوطني والحكومة من سلوكهما. أما الأكاديمي المعروف د. محمد محجوب هارون فدعا لقراءة مدى تأثير الأحداث من حولنا على السودان، وقال إن إشارة بروف حسن لهزيمة المشروع الأمريكي في العراق والصومال، تحتاج لتدقيق، ففي العراق قامت أمريكا بترتيب الأوضاع بشكل لا يفهم بأنها فشلت، وكذلك مقولة أن الصراع العالمي هو صراع أديان، وأكد وجود نماذج إسلامية اليوم تتقارب مع المشروع الأمريكي، وأشار إلى أن الربيع العربي إحيا الحالة الإسلامية، وقال إن زيناوي كان قائدًا غض النظر عن سياسته في الداخل وقد أحدث توازناً بين الدولي والمحلي، وهذا أوضح ما يكون في تأسيسه موقفه تجاه السودان، وتوقع أن يؤدي غيابه إلى تعاظم التأثير الدولي السلبي في المنطقة وعلى السودان. القيادي بالوطني د. نزار خالد تساءل: إلى أي حد السودان موصل جيد للثورات؟، فمصر من ناحية أو من اليمن وتأثير ذلك على القرن الإفريقي والسودان ومآلاته، فمن ناحية السؤال هل الصراع على الثروات في إفريقيا محفز للضغط على الطبقة الوسطى التي تنامت في القارة لتغيير سياسي شبيه بالذي حدث في الشمال الإفريقي، وإذا كانت الإجابة نعم فما هي آلياته؟ ونوه إلى أن شعارات الحرية والعدالة والشفافية كان لها أثر كبير في نجاح الربيع العربي، وطرح حزمة تساؤلات حول تأثير صراعات دول الربيع العربي، وحال السودان منها، وهل رحيل زيناوي سيحدث أثراً سالباً في السودان؟ وهل الثورات التي قامت في المنطقة العربية ستصل إلى العمق الإفريقي: نائب الأمين السياسي لوطني الخرطوم عبد السخي عباس: رأى أن مصر أهملت إفريقيا إهمالاً شديداً، عكس السودان، الذي يعيش على ذكريات تاريخية، وتوقع عدم تاثر السودان برحيل زيناوي، وقال إن إفريقيا محكومة بالقوة العسكرية، وإن جرى تغيير فيها سيشبه سابقاته، وأشار لتوافر ظروف الربيع العربي في السودان وقال إن أسبابه حاضرة، ونفى عباس أن يكون الصراع العالمي والإقليمي دينياً، ونوه إلى أن الربيع العربي لم يقم في دولة فيها ملك، بل في دول جاءت بالانقلاب وذهبت. الإعلامي غسان علي عثمان: اتهم بعض الدول الإفريقية لم يسمها بالعمالة لقوى عظمى في العالم، وكثير منها لا تملك قرارها وبذا فإن تأثيرها محدود داخلياً، دع عنك تأثيرها على السودان، وعن الربيع العربي في السودان، قال إن القوى المسلحة التي تريد تغيير النظام تحمل أيدولوجيا مخالفة لربيع المنطقة، مما يُصعّب من قبولها. البروفيسور حسن مكي في تعقيبه أبدى ملاحظتين: الأولى أنه لم يتكلم عن المتدينين، بل عن الدين، وأن الغربيين ليسوا متدينين ولكنهم مشدودون للثقافة الدينية، وحتى في الحركات الإسلامية تجد البعض يملك ثقافة دينية واسعة ولكنهم غير متدينين، وأكد وجود دور للأديان، وقال الاتحاد السوفيتي أسقطه البابا يوحنا حينما حرك الكنيسة الكاثوليكية في بولندا وكنائس أخرى في أوربا، وأهم شخصية في ال50 سنة الأخيرة هو البابا يوحنا الذي زار إفريقيا «4» مرات، وحتى المثليين صارت لهم كنائس، وهذه محاولة لتجذير العلمانية، وحين نتكلم على السودان فنحن لسنا بمنأى عنها بسبب ثورة الاتصالات العالمية، اليوم حركة الأزواد في مالي ومعناها «القصعة» هم في منطقة جبلية تجد اهتماماً عالمياً كبيراً، والمغاربة منزعجون لأنها قد تكون جزءاً من حركة البوليساريو والجزائريون يريدونها، والأمريكان قاموا بإدخال حركة «نصرة الدين» كحركة قومية، لذلك أقول إن التناقضات الثانوية الموجودة في السودان وغيره، لا تلغي المسارات الرئيسة، فحتى أمريكا اللاتينية يوجد فيها دور واسع للدين، فهل يمكن لبريطانيا أن يحكمها مسلم أو غير ديني، وأمريكا حين ترشح أوباما ثارت كثير من الجهات بسبب ما تردد كونه مسلماً، ولذا فالدين حاضر بقوة. وأشار لعمق الدين في السودان بسبب الطرق الصوفية، وأكد وجود رابط بين المسألة الدينية والصراعات العالمية. وقال إن هذه القضايا تحتاج لنقاش كثيف.