يعتبر محصول القطن من المحاصيل النقدية التي كان يعتمد عليها السودان في الدخل القومي للبلاد فقد كان يحتل مساحات واسعة بمشروع الجزيرة باعتباره أكبر المشروعات الزراعية إنتاجًا للقطن، بجانب عدد من المشروعات الزراعية بالولايات المختلفة ولما كانت معدلات النمو السكاني تعد منخفضة آنذاك، فقد ظل الخبراء يوصون بضرورة مواصلة إنتاج الأقطان حتى تتمكن البلاد من إحكام قبضتها على السوق العالمي غير أن الإنتاج الوطني ظل يشكل تراجعاً ملحوظاً فبينما كانت المساحات المزروعة قطناً خلال حقبة الستينيات والسبعينيات حوالى «1.2» مليون فدان تنتج أكثر من «2» مليون بالة تراجعت هذه الأرقام خلال عقدي التسعينيات وبداية الألفية الثالثة لتبلغ جملة المساحات المزروعة قطناً في الموسم الزراعي «20012004م» حوالى «299» فداناً أنتجت «378» ألف بالة وتواصل تراجع المساحات حتى بلغ في 2009م حوالى (29) ألف فدان، لأسباب عدة واجهت إنتاج القطن وعملت على وجود تدهور كبير في اقتصادياته نتيجة السياسات الخاطئة التي كان من نتائجها الطبيعية تقلص المساحات الزراعية، مما شجع على «هجر عدد كبير» لإنتاج القطن والتفكير في زراعة محاصيل زراعية أخرى نتيجة لضعف العائد المادي وارتفاع تكلفة الإنتاج، كما شهد الإنتاج الزراعي تدهورًا ملحوظًا بعد إنتاج النفط حيث أصبحت الدولة تعتمد عليه بصورة كبيرة تقدر بنسبة «70%». والموسم الحالي كشفت لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان عن زراعة «12%» من المساحة الزراعية المحددة لزراعة القطن، وعزت الأسباب إلى تعثر توفير العملة الصعبة للمدخلات الزراعية، وقال رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعية م محمد عثمان سباعي إن المساحات المزروعة بمحصول القطن خلال هذا الموسم بلغت «125» ألف فدان من جملة «800» ألف فدان وعزا تقلص المساحات الزراعية لتأخر الإعلان عن سياسة زراعة القطن حتى شهر يونيو لعدم توفر المدخلات الزراعية وقياسًا على ذلك فقد واجهت المواسم السابقة سياسات مماثلة مما خلف إلى الصورة النهائية وهي تقلص مساحات القطن على الرغم من توجه الدولة لإدخال القطن المحور وراثيًا الذي دار حوله جدل كبير بين كافة الجهات ذات الصلة.. ومن المعروف أن مقومات زراعة القطن متوفرة بالبلاد إذ تتعدد مصادر المياه كما يتوفر عنصر الري الانسيابي والمساحات القابلة لزراعة القطن وتؤهل السودان للعودة لاحتلال مركز متقدم في الإنتاج على مستوى العالم.. يساعد على ذلك الخبرات التراكمية «70» عاماً من الإنتاج ولكن واقع الحال يقول غير ذلك.. وأرجع الخبير الزراعي أنس سر الختم تدهور إنتاج القطن في السودان للسياسات التي اتبعتها الدولة مبينًا أن تقلص مساحة زراعة القطن بدأت منذ العام 8091 8191عبر سياسة الحساب الفردي لعدم وجود عائد على المزارع، مضيفًا أنه خلال التسعينيات تقلصت المساحات بصورة كبيرة بعد تطبيق سياسة التحرير فبلغت 250 ألف فدان من جملة 450 ألف فدان وتراجعت إلى 75 ألف فدان في العام 1997، وقال خلال حديثه ل (الإنتباهة) إن دخول قانون الجزيرة للعام «2005م» يشجع المزارعين على الهروب من زراعة القطن رغم ارتفاع الإنتاج وأرجع الأسباب للسياسات المتبعة من قبل الجهات المختصة بجانب الخروج من زراعة القطن طويل التيلة الذي تميز السودان بالريادة في زراعته بمساحة 450 ألف فدان وغزوه للسوق العالمي ودخول القطن متوسط التيلة، وقطع أنس بعدم نجاح القطن مرة أخرى لتدهور البنيات التحتية بأكبر المشروعات الزراعية وهو مشروع الجزيرة وقال حتى إذا تم إدخال أنواع جديدة كالقطن المحور أو غيره خاصة بعد ارتفاع تكلفة الإنتاج والترحيل وتوقف المحالج وتدني أسعار القطن عالميًا ورهن نجاحه بإعادة إحياء مشروع الجزيرة وإلغاء قانون 2005م والرجوع للقانون القديم، وأشار لفشل زراعة القطن المحور بالبلاد، وعزا عدد من المزارعين استطلعتهم (الإنتباهة) فشل زراعة القطن بالبلاد لسياسة الدولة المتبعة بجانب عدم صرف مستحقات المزارعين بصورة مستمرة وارتفاع تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة، مما أقعدت المزارع عن الإنتاج ومؤخرًا توقف التأمين الزراعي مما ضاعف معاناة المزارعين، ومن جانبه أكد المجلس الأعلى للنهضة الزراعية السعي للترغيب في زراعة القطن المطري والمروي عبر التوسع في التصنيع الزراعي وخفض تكلفة الإنتاج والمدخلات وتحسين نوعية القطن المحلي عبر البحوث الزراعية تنفيذًا لسياسة الدولة وإستراتيجيتها الهادفة للتوسع في زراعته. ورهن خبراء الاقتصاد زيادة الرقعة المزروعة من القطن بإنجاز عمليات الإصلاح والبناء للمشروعات الزراعية المروية والمؤسسات الزراعية الأخرى، إضافة لتحفيز المزارعين وتشجيعهم على العودة لزراعة القطن الذي تقلصت مساحاته خلال السنوات الماضية بجانب توفير التمويل اللازم لعملية الإصلاح.