أعدت أمريكا عدتها لمواجهة كل الاحتمالات بالشرق الأوسط خاصة والحرب الباردة مستعرة على أشدها توشك أن تصبح حمراء فأقامت قواعدها وأعدت عدتها وجندت من بعض دول المنطقة حلفاء لها وكان من تلك الدول إيران. قامت بتدريب قوات الشاه وأمدّته بأسلحة فتاكة عبارة عن آخر ما لدى حلف شمال الأطلس من أجهزة وطائرات وأسلحة ثقيلة وخفيفة كان غرضها أن تجعل من إيران الشرطي الأمريكي المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط للمحافظة على مصادرها النفطية إضافة إلى الدول العربية المجاورة وحماية إسرائيل إن لزم الأمر فأمريكا أحست بالخطر الأحمر خاصة أن مصر، وسوريا والعراق اتجهت صوب الاتحاد السوفيتي للحصول على السلاح بعد أن ما طلت أمريكا كثيراً وحجرت على حلفائها إمداد الدول العربية بالسلاح ولكن فجأة تغير الموقف الجيوسياسي وأحست امريكا باقتراب الكارثة. سقط شاه إيران وأصبحت إيران دولة معادية ولكنها تمتلك أحدث الأسلحة الأمريكية وهناك العراق الذي يمتلك ترسانة عسكرية أمدها به الاتحاد السوفيتي وكذلك سوريا، ومصر، إن دول المنطقة أصبحت أقوى وأحدث الأسلحة الأمريكية عند إيران وأسلحة المعسكر الشرقي عند الدولة العربية الثلاث. والأنكى من ذلك أن العراق وإيران تمتلكان اكثر من «40%» من المصادر النفطية في العالم وهما تمتلكان كماً هائلاً من احتياطات الدولار البترولي والكويت الصغيرة والسعودية لا تمتلكان قوة مماثلة وهما على مرمى حجر من إيران والعراق وسوريا، من الواضح أن بإمكان العراق وإيران إذا ما اتحدتا وأعلنتا رفض التعامل بالدولار الأمريكي وسعتا للتخلص منه فعلى أمريكيا أن تستعد لإشهار إفلاسها. إذن ما هو الحل وكيف الخلاص؟ فكرت أمريكا في خلق عداء مستحكم بين إيران والعراق مستغلة الخلافات الدينية والمرارات التاريخية ونجحت في الأمر ولكن كان نجاحًا يفوق أمانيها وتصورها. أغرت العراق بمهاجمة إيران واندلعت الحرب وكلما لاحت بوادر تغلب أحدهما على الآخر قامت أمريكا بإمدادها بمزيد من السلاح والمعلومات لإطالة أمد الحرب حتى تفني معدات الطرفين ويسارع كلٌّ منهما لشراء مزيد من السلاح وهذا يعني استنزاف مصادرهما الدولارية الهائلة ونجحت في ذلك أيّما نجاح. وهكذا مزيد من السلاح لإطالة أمد الحرب ومزيد من الدولارات عائدة إلى الخزانة الأمريكية كقيمة السلاح وعندما توقفت الحرب الإيرانية العراقية ولكن نهم أمريكا لم يتوقف فأوعزت سفيرة امريكا بالعراق تلك الحيزبون الماكرة (ابريل جلاسمي) سفيرة أمريكا في العراق أوعزت إلى الرئيس صدام حسين أن أمريكا غير مهتمة بأمن وسلامة الكويت وهنا أيقن صدام أن الكويت أصبحت لقمة سائغة واجب التهامها وهكذا فعل وعندها سارت أمريكا وأبانت لبقية الدول أنها هي الوحيدة القادرة على حمايتها واستنفرت الدعاية ضد العراق.. وأول الحرب كلام ولفقت الاتهامات الباطلة بوجود أسلحة دمار لم توجد أبداً بعد احتلال العراق ونالت أمريكا بغيتها وأصبح العراق ماله وبتروله وأرضه وناسه تحت رحمتها وأصبح العالم العربي ضعيفًا مفككاً لا يقف في وجهها لقد استغلت أمريكا تشتت العالم العربي والأحقاد والخلافات وساعدها على ذلك تفتت الاتحاد السوفيتي ووجدت المسرح جاهزًا لتبدي عليه عروضها القبيحة ففعلت وبلغ بها الصلف أن منعت بعض الدول من زراعة القمح حفاظاً على مصلحة اللوبي الزراعي لأمريكا. فأمريكا هكذا تريد أن تتحكم في ثروات العالم العربي وغذائه أيضاً.