المفكر الإسلامي الدكتور حسن مكي خبير إستراتيجي في القضايا الإسلامية وله باع طويل في هذا الشأن.. قرأت له لقاءً مطولاً كان قد تم مع صحيفة الراية القطرية قبل مدة من الزمن. وفي هذا اللقاء توقع الدكتور حسن مكي حدوث تحولات كثيرة في المنطقة العربية من بينها أن دولة قطر سوف تلعب دوراً هاماً في الساحة العربية خلال المرحلة المقبلة، وأن جمهورية مصر هي الأقرب لإمكانية استضافة «حركة حماس» الفلسطينية بعد التعقيدات التي ضربت سوريا.. ولسوء الحظ فإن الدكتور قد تنبأ بشيء نأمل أن يكون مجرد «هلوسة» وهضربة نتيجة لحُمى الملاريا.. فالرجل قد قال إنه يتوقع أن يعود الجنوب السوداني للشمال، لأن الجنوب أصلاً لم يكن منفتحاً على أيام جون قرنق مؤسس الحركة الشعبية، وأن الانفتاح المطلوب سيتم في المدة القادمة.. وأن الانفصال الذي حدث مرهون بفترة إنتاج النفط.. وبعد أن تجف الآبار «خلال عشرة أعوام» سيتجه الجنوبيون نحو الشمال مثلما يتجه نهر النيل.. وبالطبع هذا النوع من الكلام يجعلنا «نفقد» أعصابنا «وقاعد يجيب لينا الحساسية» وكمان بجيب «كسافتنا».. وعلى الرغم من أنني لا أعرف معنى «كسافتنا» إلا أنني سمعتها عند الكثيرين على هذا النحو ويبدو أن الكلمة قد وجدت طريقها من لغة «الرندوك» في مصارف المياه وصعدت لتكون واحدة من الكلمات السائدة في أوساط المثقفين هذه الأيام. وكلما ذكر أحدهم سواء كان سياسياً من أهل اليسار أو من جماعة تحالف «هالة» أو تحالف كاودا أو تحالف جوبا أؤ تحالف الجبهة الثورية بأن الجنوبيين قادمون مرة أخرى نصاب نحن وجماعتنا بالذعر ويرتفع عندنا ضغط الدم وتزيد «الكثافة»، مثلما تنفقع مرارة الطيب مصطفى في منبر السلام العادل.. وبالطبع يحدث ذلك لأننا أصلاً لم نصدق أن «الله حلانا» من هذه المصيبة وأذهب عنا الأذى وعافانا وبدأنا «نشم» العافية ونستنشق هواءً نقياً صافياً يزداد نقاءً كلما تم ترحيل مجموعة جديدة من الأجانب، وزادت الأرض إشراقاً وتنفس الصبح ولا أدري ما الذي يجعل الدكتور حسن مكي يتفاءل لنا بهذا الفأل السيئ ويتوعدنا بالثبور وتعقيد الأمور، وهو يعلم أن الانفصال قد جاء بطلب من هؤلاء الناس الذين كنا نحتضنهم في غباء شديد ونحلم عنهم ويجهلون علينا ونطعمهم بأيدينا ويعضون أصابعنا ويتقيأون في ذات الأواني التي نقدم لهم فيها زادنا الذي نقتسمه معهم.. ومع كل ما فعلناه بعد أن طردتهم الحركة الشعبية وقتلتهم ولم يجدوا الحماية إلا عندنا في الشمال.. بعد كل ذلك قالوا إنهم يريدون الانفصال وصوتوا له بنسبة 99.9% ثم قالوا بالحرف الواحد باي باي لوسخ الخرطوم وباي باي للإسلام وباي باي للعروبة وباي باي للعبودية. وإذا كان ذلك كذلك فكيف يقبل لنا المفكر حسن مكي أن ندخل مرة أخرى في نفس الجحر الكريه ونقبل بوحدة مشوهة مع أناس يختلفون معنا في كل شيء.. اختلاف في اللغة واختلاف في الدين واختلاف في الثقافة واختلاف في العادات واختلاف في السحنة واختلاف في الطول واختلاف في طريقة الكلام وفي الغناء وفي المشي وفي المزاج. ولا يجمع بيننا أي شيء غير أن آدم عليه السلام كان الأب الأول لكل البشرية بمن فيهم البريطانيون ودينكا بور وسكان كوبنهاجن.. وإذا كانوا يتحدثون بلغة عربي جوبا «المفجخة» فهذا شأنهم ولا يزيدهم عندنا ذلك شيئاً على أي مواطن من الأكوادور يتحدث لغة عربي جوبا.. ولن نضيف جديداً إذا قلنا إن الوحدة والانتماء والتقارب مع الإثيوبيين والتشاديين أفضل مليون مرة من الوحدة مع الجنوبيين.. وفال الله ولا فالك يا دكتور حسن مكي و«الله يكضب الشينة» { كسرة: نقلت الصحف خبر الطائرة التي تم استدراجها إلى مطار جوبا واحتجازها هناك. وهي ليست سودانية.. وقبلها قام الجنوبيون بالاستيلاء على السفن النيلية التي كانت تنقل الجنوبيين والأغذية ولا يزال بعضها محجوزاً.. ويحتجز الجنوبيون ناقلات وبصات وعربات لشماليين ذهب بهم حظهم العاثر أو طمعهم ليتاجروا هناك.. وذكر البعض أن جيوش سلفا كير وباقان وصلت إلى درجة «قلع» قمصان الشماليين وبناطلينهم وتركهم عرايا ميطي.. وأنتم أيها المندكورو «الموديكم» هناك شنو؟!! -------- الاخ د. عبد الماجد تحية طيبة إذا أدرتم ترحيل الجنوبين فإفتحوا باب التبرع للمواطنين ، فقد دفع ابائنا وامهاتنا مال الجلأ