في الوقت الذي تسعى فيه ولاية جنوب كردفان للتعافي والخروج من آثار الحروب التي امتدت لأكثر من عشرين عاماً سعت الحركة الشعبية للسباحة عكس التيار، بإشعالها للحرب في الولاية، فبدلاً من بذل مزيد من التنمية والاستقرار لكي تنعم الولاية بهما كانت «الهجمة والقيامة» هي الجهد الذي بذل فيها، الإفرازات التي أفرزتها الحرب بالولاية جعلت من المجتمع المدني بولاية جنوب كردفان ممثلاً في المنظمات غير الحكومية والرموز الاجتماعية والدينية والثقافية في حالة ترغب واستنفار تام في مقابلة كل ما تفرزه الحرب، فقد حذرت المنظمات غير الطوعية من تشابه التجارب السابقة بكل من «جنوب السودان وولاية دارفور» وأكدت أن المواطن هو صاحب الحق والمصلحة التي يجب مراعاتها بغض النظر عن أي جهة أخرى حتى الأحزاب هي آخر جهة تستحق أن يراق دم مواطن من أجلها. وإزاء كل ذلك أطلقت العديد من المبادرات التي تنادي بالوقف الفوري لإطلاق النار وإيقاف الحرب، فقد نظم المركز السوداني للديمقراطية والتنمية ورشة بعنوان: «مبادرة المجتمع المدني لنبذ العنف وإحلال السلام بولاية جنوب كردفان» أمس بقاعة الشهيد الزبير، وابتدر الحديث رئيس اللجنة العلمية بمركز السوداني للديمقراطية والتنمية حسن محمد صالح قائلاً إن المبادرة لم تنطلق من منطلق إثني وإنما هي مبادرة لمنطقة جغرافية وذات تعايش اجتماعي، فضلاً عن أنها ليست مبادرة نظرية فهي عملية اعتمدت على أخذ رأي المواطنين ، ويمضي حسن بقوله إلى أنها مبادرة تهدف إلى السلام والتعامل الاجتماعي التي نتجت عن قوائم مشتركة حسب المجتمعات باعتمادها على الشراكة في المجتمعات المحلية، وبناء الثقة بين مكونات المجتمع بغية الدعوة إلى أطراف النزاع للتواصل على أساس المرونة والتماذج وعدم التعصب، شريطة أن تكون المبادرة ليست قاصرة على جنوب كردفان وإنما مبادرة شاملة لكل أجزاء الوطن. فيما اعتبر رئيس المركز محمد الخير إبراهيم مبادرة المجتمع المدني أنها تهدف لإيقاف الحرب ووقف إطلاق النار ونبذ العنف، وأنها تصب في حزم الأمر لمجابهة المرحلة المقبلة لوقف التدهور في الولاية، وشدد الخير على فعالية منظمات المجتمع المدني والعمل على منع التدويل، قائلاً: ليس لدينا موقف مسبق لا من المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية، وقطع الخبير بأن المبادرة ليست سياسية على الإطلاق، غير أنه توقع أن تكون لها آثار سياسية مستقبلاً ، فيما حمّل تاج الدين مسؤول بمنظمات المجتمع المدني بولاية جنوب كردفان مسؤولية الفاقد التربوي لحكومة الشريكين، موضحاً أنها لم تلتفت إلى توفير الأعمال والأموال التي تسهل لهم سبل كسب العيش الكريم، وأكد أن الحرب بالولاية لها آثارها التي امتدت لتشمل المجاعة والفقر والمرض «النزلات المعوية» قائلاً :إننا شهدنا «الهجمة والقيامة» بحسب الشعارات المرفوعة قبيل فترة الانتخابات، مطالباً بضرورة أن نعي النظرة الحيادية والبعد عن الازدواجية، وتوحيد الرأي حتى نتمكن من التوصل للحلول الناجعة التي تفضي إلى الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة. المبادرة جاءت نتيجة للإشكاليات وبعض الرؤى التي اختلفت ظروفها السالبة لذلك هي ملحة ومطلوبة ويجب تسليمها لأصحاب المصلحة الحقيقية «أفراد المجتمع» فضلاً عن أنها جاءت متسقة مع الأحداث التي شهدتها الولاية مؤخرًا، فقد استفادت المبادرة من التداعيات السابقة لولايات دارفور، ومن أهدافها (الوقف الفوري لإطلاق النار ،رفض العنف كوسيلة لحل النزاع، الرفض التام لأي تدخل خارجي لحل الأزمة، والحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل كافة الخلافات)، إلى ذلك طالبت المبادرة بالاصطفاف جميعاً بأن تكون جنوب كردفان آمنة ومستقرة.