لو قُدِّر لي أن أكون (عميلاً) للخواجات لا قدر اللّه .. ولو كنت في صفوف المعارضة المرتمية في أحضان الأجنبي لا قدر اللّه برضو ولو تصادف أنني كنت أحد منسوبي المخابرات الأمريكية حمانا وحماكم اللّه ولو كنت عميلاً لبني إسرائيل أو عميلاً لدولة الدينكا وزميلاً مع عرمان (بعيد عنكم)، لو كنت بعض هذا أو كل هذه الصفات، فإن التقارير التي سوف أرسلها لرئيس دائرة الاستخبارات المعني بالمنطقة «245» في تصنيفات الماسونية، كانت سوف تشتمل على معلومات أساسية تساعد رؤساء الدوائر في اتخاذ القرار المناسب تجاه القضايا السياسية بالسودان.. وكثيراً ما أستغرب كيف أن عملاء الخواجات من بعض الأحزاب و(فتافيت) اليسار لم يتمكنوا حتى الآن من توصيل المعلومات الأساسية والتي كان يجب أن تُعرف بالضرورة. هذا علماً بأن بعض هؤلاء العملاء والاستخباريين قد انحشروا بين الناس زماناً ومنهم من تبوأ أو (تبول) في المناصب التي مكث فيها زمناً ليس بالقصير وبلغ أقصى الدرجات.. ومن هذه المعلومات الأساسية التي فاتت على فطنة عملاء الخواجات وأذنابهم ما يأتي: أولاً: أهل السودان (ناس مزاجات) ولا يقومون بالثورات أو الانتفاضات إلا حينما (تظبط) معاهم.. ففي الوقت الذي كانت فيه الشعوب العربية لا تعرف الواو الضكر في السياسة والديمقراطية، كان أهل السودان يقومون بأول انتفاضة في العالم العربي والإفريقي. وعندما هبَّت الشعوب العربية الآن قالوا لهم: إن هذا الفيلم دخلناهو زمان! وعلى الرغم من أن نظام عبود كان هادئ النبرة والإيقاع، وكان سلس القيادة وتوفرت له كل سُبل اقتصاد الوفرة وكل وسائل الإنتاج ومع ذلك وبدون مبررات منطقية (الناس ديل قاموا) وقالوا أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقٍ.. هذا علماً بأن انقلاب عبود نفسه أصلاً كان عبارة عن تسليم وتسلُّم من حزب الأمة للسلطة (نكاية) في الأحزاب الأخرى.. ثانياً: الشعب السوداني عنده عقدة نفسية اسمها (الأجنبي) ومنذ زمن (الحمرة الأباها المهدي) فإن الناس ديل لا يقبلون تدخل الأجانب أياً كانوا.. ثم إنهم يحتقرون كل من يقع في أحضان الأجانب أو يكون عميلاً لهم ويعتبرونه مثل (الديوث) والديوث هو من يقبل السوء بأهله.. ولهذا فإن الجماعة ديل يمكن أن يتحركوا أفراداً وجماعات ضد الحكومات المدنية والعسكرية، ولكن يتحولون مائة وثمانين درجة إذا علموا أن هناك أيادي أجنبية.. ولهذا فإن الخواجات وأذنابهم يخطئون كثيراً عندما يعتقدون أنهم يمكن أن يسقطوا نظام الحكم في السودان بالتعاون مع الأجانب سواء أكان هؤلاء الأجانب جيراناً أم أبناء عمومة أم أبناء إقليم مشترك.. ثالثاً: (ناس السودان ديل) رأسهم قوي جداً ويمكن أن يقفوا ضد الحكومة ألف أحمر ويلعنوا سلسفيل أبو الحكومة.. ولكن إذا قام خواجة مثل أوكامبو وأطلق أحكامه وأوامره الجائرة، فإنهم يتحولون إلى مساندين ومؤيدين للحكومة.. ولهذا فإن واقع الحال يقول بازدياد معدلات المؤيدين للحكومة ولرئيسها مع كل قرار جديد تصدره المحكمة الجنائية.. وبالطبع تظل الحكومة تتطلع كل يوم لقرار جديد وتنبسط أربعة وعشرين قيراط. وهؤلاء الناس عندهم أمثال وحكاوي يؤمنون بها مثل قولهم (أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب). رابعاً: كثيراً ما يجد العملاء أنفسهم مجبرين على الانحناء والسكوت على (الجلطات) و(المفارقات) التي يُحدثها الخواجات ولا يجدون غير أن يؤيدوا الحكومة ويعلنوا ذلك على الملأ حتى لا يفقدوا قواعدهم.. وهذا ما يجعل المعارضة غير مستقرة في رؤاها ومتأرجحة في خطواتها ومنهكة أمام مؤيديها. خامساً: هؤلاء الناس لديهم مثل يقول (إذا رضيت عنك أمريكا فأنت في الطريق الخطأ) ولهذا فليس من المتوقع أن تتسق خطاهم مع السياسات الأمريكية بصفة خاصة.. وكلما ضغطت عليهم أمريكا أيقنوا أنهم في الطريق (الصاح) وكان الشعب حليفاً لهم وبعيداً عن المعارضة العميلة. سادساً: هؤلاء القوم لديهم أغنية حماسية تكاد تكون حكمة يؤمنون بها وهذه الأغنية مثل نشيد قومي يقول: (نتباشر وقت نلقى الكلام حرَّ) وتجدهم يعرضون وينقزون كلهم (بدون فرز) ويختلط الحابل عندهم بالنابل والحكومة بالمعارضة والجيش بالشعب والوزير بالخفير.. وهذا ما يجعلهم يقولون (وروني العدو وأقعدوا فرَّاجة). انتهى التقرير.. من عميلكم المخلص!!.. كسرة:- سفارة السودان الجنوبي قالت إن هناك مائة وسبعين ألف جنوبي ما زالوا في الخرطوم ينتظرون الترحيل ويقيمون في الخرطوم.. ومن المؤكد أن العدد الحقيقي للمنتظرين مضروب في عشرة يعني مليون وسبعمائة ألف هذا غير الجنوبيين في الولايات والعدد الكلي بأي حال لا يقل عن ثلاثة ملايين جنوبي يعيشون على حسابنا ويستنزفون مواردنا حيث إن ثلاثة ملايين جنوبي يحتاجون يومياً إلى اثني عشر مليون رغيفة ومليوني صحن فول وستة ملايين كيلو جرام من الدقيق والسكر والملح وثلاثين مليون بصلة علماً بأن سعر البصلة في الجنوب أكثر من خمسة آلاف جنيه وإذا سارت عمليات الترحيل بطريقة سفارة جوبا ومنظمات الأممالمتحدة بمعدل خمسين شخصًا كل شهرين فإننا لن نخلص من ترحيلهم قبل القرن بعد القادم بعون اللّه وتوفيقه هذا إذا توفر المال اللازم وصدقت عزيمة المسؤولين في عمليات الترحيل.