في خضم التقلُّبات السياسية الكبيرة التي تعيشها كل من دولتي السودان وجنوب السودان وهما يرسمان معالم دولتيهما الجديدتين إقليمياً ومحلياً من خلال مراجعة بعض الاتفاقيات الدولية القديمة أو بإبرام اتفاقيات جديدة يركِّز العالم أنظاره تجاه الطريقة التي سوف يدير بها أي منهما علاقاته الخارجية، ويقول تقرير نشرته صحيفة سيتيزن الكينية مؤخرًا إن مجلس وزراء مجموعة شرق إفريقيا عكف الأسبوع الماضي على مناقشة إمكانية انضمام السودان إلى المجموعة، حيث قام بهذا التحرك الإستراتيجي عندما كانت جارته الوليدة تضع لبنات حكومتها الأمر الذي شكل مفاجأة سياسية لعدة لاعبين محليين كانوا يأملون أن تسبق جوباالخرطوم وذلك لترحيب أعضاء المجلس بدولة الجنوب قبيل تكوينها بناء على نتيجة الاستفتاء الذي لم يتم قيامه آنذاك إذ أعلن الرؤساء الكيني مواي كيباكي والرواندي بول كاغامبي واليوغندي يوري موسفيني عن تفاؤلهم بانضمام جنوب السودان إلى هذا التكتل التجاري في فبراير الماضي حيث أكد كل من كيباكي وكاغامي أن جنوب السودان سيكون موضع ترحيب حال طلب الانضمام إلى مجموعة شرق إفريقيا وفي شهر مايو جدد كيباكي التزامه بالترحيب بجنوب السودان ضمن مجموعة شرق إفريقيا في افتتاح الجمعية التشريعية لشرق إفريقيا في نيروبي إلا أن النقاد لا يجدون غضاضة في أن ينضم السودان إلى المجموعة قبل جنوبه، ويقول المحلل السياسي الكيني د.غبريال اليسينت إن سعي مجموعة شرق إفريقيا للتوسع لهو أمر جيد، ولكن يجب أن يتم بحذر شديد، مضيفاً: ليس هناك مشكلة في انضمام الخرطوم للمجموعة قبل جوبا غير أن موقف المجتمع الدولي المتباين تجاه الخرطوم قد يثير تساؤلات حال تم قبول السودان للعضوية في الوقت الراهن إلا أن قبول السودان ضمن المجموعة لن يكون فكرة سيئة وذلك أنه يدار بواسطة حكومة منشأة أصلاً في حين ما زال جنوب السودان يعمل على تأسيس حكومته ويشاركه الأمين العام لحزب الجبهة المدنية المتحدة المعارض إسماعيل عيسى نفس الرأي قائلاً: ليس هناك مشكلة في أن تنضم الخرطوم قبل جوبا مادام أنها فتحت الأبواب أمام الدول لطلب العضوية، إن المشكلة تأتي فقط من الإجراءات الطويلة التي يجب القيام بها من أجل الانضمام إلى التكتلات الدولية وأضاف إن المهم في الأمر أن تحصل كلا الدولتين على العضوية من أجل حلحلة العديد من النزاعات بما في ذلك استخدامات مياه النيل بين البلدين ودول أخرى، كما أن هناك صراعاً مع بعض تجمُّع دول شرق إفريقيا على استخدام موارده ورأى البروفسير موسى على المحاضر بجامعة دار السلام انضمام السودان خطوة إيجابية تزيد من نفوذ ومقدرات المجموعة وتمكنها من حل الخلافات بين أعضائها في أطر دبلوماسية، وأضاف قائلاً في حال رغبت المجموعة في حل الخلافات بين هذين البلدين الجارين نهائياً فإن عليها أن تبدي الرؤية السياسية على المصالح الاقتصادية، ويرى الكثيرون أن انضمام جوبا للمجموعة أكثر أهمية من انضمام الخرطوم ليس فقط لتقارب الخلفية الثقافية لجنوب السودان مع معظم دول شرق إفريقيا بل لأن دولاً من شرق إفريقيا كأوغندا قد قامت بدعم متمردي الجيش الجنوبي بالسلاح والرجال. وعلى مدى ست السنوات الماضية ارتبط اقتصاد جنوب السودان بأوغندا وكينيا خاصة في مجال القطاع المصرفي والسياحة والفندقة الذي تحتكره بشكل كامل الشركات الكينية ولما كان جنوب السودان قد انهكته الحرب الأهلية الطويلة والنزاعات القبلية والهجمات الانتقامية فإن الخبراء يرون إدماج دولة السودان أكثر سهولة وأعم فائدة من إدماج الجنوب في المجموعة.