«هو هكذا حديث ولكن لا أساس له من الصحة طبعًا.. ومهما كثر الحديث.. أنا شخصيًا أقول لا أساس له من الصحة» بهذه الكلمات كانت إجابات نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم يوسف الذي عُيِّن في المنصب أمس الأول وفقًا للمرسوم الجمهوري رقم 27 لهذا العام على سؤالى له بشأن الإتيان به نائبًا للرئيس وذلك فى الحوار الذى أجريته معه قبل أشهر قليلة، وترك الحاج الباب مواربًا أمام تعيين أي شخص في المنصب سواء كان من دارفور أو غيرها من الوطني أو غيره في إجابة عن جملة أسئلة فرضت نفسها وشغلت أذهان الناس في فترة غير بعيدة كانت تجري فيها مفاوضات دارفور في الدوحة وكانت الخلافات حول المنصب من أكبر العقبات، والباب الذي تركه آدم مواربًا يشير فيه إلى أن التعيين يخضع لتقديرات الرئيس، وقد قال لي إن البشير هو مفوَّض من الشعب وقد منحه الدستور سلطة اختيار نائبه وله أن يختار من يشاء حسب مقتضيات الظرف وحسب تقديره للمصلحة.. ورغم اعتراض الكثيرين على الاحتكار الاثني والجهوي للمناصب خاصة العليا منها نسبة لقوميتها وبالتالي من يتولاها ينبغي ألا يُنسب إلى جهته أو اثنيته إلا أن الحاج يعتبر أول رجل من دارفور يسمى لهذا المنصب رغم أن الترشيحات شملت العديد من قيادات الإقليم في الوطني فضلاً عن المطالبات المتكررة من قبل الحركات المسلحة بالمنصب. وهو كذلك يعد أول رجل يحمل صفة علمية رفيعة يتولى هذا المنصب على أقل تقدير في عهد الإنقاذ خاصة في منصبه الذي أعقب فيه الشهيد المشير الزبير محمد صالح الذي شغله منذ مجيء الإنقاذ حتى 1998م وخلفه الأستاذ علي عثمان، وجدير بالذكر أن الرئيس اختار نائبه علي عثمان من بين قائمة ضمت معه واحدًا ممن يحملون صفة آدم العلمية هو الأمين العام للوطني وقتها د. حسن الترابي وشاع وقتها أن الترابي كان مصرًا على اختيار علي الحاج إلا أن الرئيس حسم الأمر باختياره علياً. مسيرة آدم الإدارية زاخرة بتولي المناصب بذات القدر الذي امتلأت به مسيرته السياسية من أحداث، فقد عُرف عن الرجل أنه اكاديمي فذ حيث لا يزال يحتفظ بمنصبه رئيسًا لقسم الهندسة الزراعية بجامعة الخرطوم الأمر الذي ربما ساعده كثيرًا في تولي مناصب عدة في ذات المجال.. وزير زراعة بالولاية الشمالية ثم واليًا عليها قبل أن ينتقل واليًا لجنوب دارفور ومن ثم عاد مرة أخرى للمركز وزيرًا للزراعة وهو المنصب الذي استقال منه بعد المفاصلة لينخرط في صفوف الشعبي الذي أوكل له مهمة مسؤول أمانة الأقاليم المتأزمة في الحزب، واتهم في العام 2004م بتدبير محاولة انقلابية ضد النظام مع عدد من قيادات حزبه صار فيها المتهم الأول ومطلوبًا إلى السجن والمدهش أنه في لقاء أمام طلاب جامعة القضارف قبل أشهر كشف أن الترابي لا علاقة له بالانقلاب وأن الأمر خاص به وكانت الحكومة قد نشرت صوره وبكثافة في الأماكن العامه غادر على إثرها البلاد إلى اريتريا التي عاد منها بعد أن صدر صك براءته مما فتح الباب أمام عودته مجددًا للسودان. وما كان لافتًا للنظر أنه رغم محاولات الرجل وحزبه المتكررة للنيل من الإنقاذ إلا أن الاخيرة لم تخرج له سوءات أو ألصقت به تهمًا تتعلق بالفساد والغريب أيضًا أنه لم يُفصل حتى من منصبة الأكاديمي، ومع أن الورع والزهد يبدوان عليه إلا أن آدم يتسم بنوع من العنف اللفظي على سبيل المثال عندما سُئل عن زيارة عرمان لإسرائيل أجاب وبمساخة: «إذا ذهب إلى السماء الأحمر ماعندنا بيهو شغلة». ويبدو أن هذه الصفة تراءت للناس من خلال الوضوح اللافت الذي يتمتع به في إبداء آرائه والمواقف الصلبة في التمسك برؤيته والذي ظل يجر عليه انتقادًا شديدًا حتى الآن وهو ذات الأمر الذي أدى إلى مفارقته للترابي وكسا ملابسات عودته إلى الوطني في منتصف نوفمبر 2010م حيث عدد من الرؤى السياسية في الشعبي تم رفضها وقيل إن ذلك تم بتدخُّل من الترابي الأمر الذي خلق نوعًا من التوتر وقد صاحب عودته تلك انتقادات من قبل الشعبيين لدرجة وُصف معها الرجل بأنه بلا رصيد في دارفور رغم أنه كان مرشحهم في الانتخابات الأخيرة لمنصب والي جنوب دارفور وقالوا إنه لن يفيد الوطني في شيء ووصموا مفارقته لهم بالسقوط ولكن البعض فسّر هجوم قيادات الشعبي عليه لعدم تحملهم له وخشيتهم من تأثيره على الحزب. وبعد عودة الحاج للوطني عُيِّن أمينًا سياسيًا وهو التعيين الذي وصفه ل «الإنتباهة» المحلل والخبير البروفيسر حسن على الساعوري بأنه يحمل في طياته عددًا من الرسائل إلى عدة جهات، فإذا كان من بين تلك الرسائل نفي احتكار المناصب لأحزاب وأشخاص وجهات بعينها تُرى ما هي الرسائل هذه المرة؟.