أهم خبر يوم أمس لم يقل إن بعض الحركات المسلحة جنوب دارفور قد اعتدت على معسكر للجيش أو الشرطة، لنقل إنها الحرب وإنه التمرد أو إنه «النضال» «لتحرير السودان» و«للعدل والمساواة».. وإنما قال إن الحركات المسلحة اعتدت على طوف «تجاري». وفي هذا الاعتداء قُتل سبعون من المتمردين برصاص شرطة الاحتياطي المركزي التي دمّرت أيضاً للمسلحين ثماني سيارات لاندكروزر.. والسؤال هو هل الحرب هناك هي بين الحركات المسلحة والمواطنين؟! إن هذه الصورة تعني أن ما يحدث الآن في إقليم دارفور ليس حرباً تستحق التدويل ولا نضالاً يستحق أن يتعاطف معه المواطنون ولا تمرداً يجعل الدولة تفكر دائماً في الجلوس إلى حملة السلاح لتتفاوض معهم. إنها اعتداءات ممن ينتمون إلى حركات مسلحة كوّنها «محامي» هو عبد الواحد و«طبيب» هو خليل إبراهيم اعتداءات على المواطنين وممتلكاتهم وعلى بضائعهم.. الآن المواطن في دارفور يرى بنفسه عمليات الدفاع التي تقوم بها قوات الشرطة والجيش لصالحه، فهي قواته، ويرى سلطة إقليم دارفور برئاسة ابن دارفور «البار» الدكتور التجاني السيسي تنفذ خطط التنمية والخدمات للنهضة بالإقليم.. إذن من هو عدو مواطني دارفور الحقيقي؟!.. لم تكن الحركات المسلحة في دارفور على قدر من الذكاء، وهي تتسبب في جعل صورة المشكلة الأمنية هناك قبيحة إذ أن سلاحها موجه نحو صدور المواطنين، لنهب بضائعهم وحينما نسأل لماذا أصلاً رفع المسلحون في دارفور السلاح، لا يمكن أن تكون الإجابة هي «من أجل المواطن».. لأن الطوف التجاري يبقى للمواطن وليس للحكومة في شارع النيل الأزرق بالخرطوم. الحركات المتمردة وجنودها كأنها أدركت أن خاتمة المطاف ستكون لصالح الحكومة، بعد تطورات متنوعة في صعد متعددة، فكل شيء بات واضحاً.. وإذا كانت مسألة التدويل لقضية دارفور أمراً تراه الحركات المتمردة يصب لصالح برامجها، إلا أنه الآن أصبح وبالاً عليها، لأن قبل التدويل وإرسال القوات الأجنبية وإصدار قرارات الأممالمتحدة كانت الصورة في أذهان المجتمع الدولي بما فيه من معادين للسودان ومحايدين ومتعاطفين هي أن المتمردين يرفعون السلاح لقضية «عادلة».. أما بعد ذلك فإن هذا المجتمع الدولي ملفوت النظر إلى دارفور بالطبع ستتغير في ذهنه الصورة القدمية. ألا يعني هذا أن التدويل المبكر لم يكن لصالح المتمردين؟! من قبل صدر تقرير عن وزارة الخارجية الأمريكية يتحدّث عن عمليات نهب وسلب في دارفور تقوم بها حركة العدل والمساواة، ولم تكن هي وحدها بل كل الحركات الأخرى التي لم توقع على اتفاق الدوحة تقريباً. إذن إذا كان أهل دارفور يعانون مشكلات تنمية وخدمات فإن هذه المشكلات تضاف إليها ممارسات الحركات المتمردة ضد المواطنين وممتلكاتهم، ويبقى استهداف الطوف التجاري أحد هذه الممارسات السالبة.. وكان المفترض أن تبتعد الحركات المسلحة من كل ما يتصل بالمواطن حتى تثبت له صدقها وهي ترفع شعارات التهميش، حتى لا يفهم أن هذه الشعارات فقط للتضليل. الملاحظة المهمة أن قادة حركات التمرد في دارفور فشلوا تماماً في إدارة عملية ما يحسبونه أو يصورونه للناس بأنه نضال، ولم ينجح في ذاك إلا دكتور السيسي ومن معه، فقد فكر الرجل في مصلحة دارفور بعقل ثاقب، ورأى أن إدارتها عبر اتفاق أفضل من التمرد فيها.