لا نرى غرابة إذا كان الخبر هو أن الداعية الإسلامي عمرو خالد ذهب إلى جنوب السودان قبل انفصاله، وزار مدينتي راجا وديم الزبير مثلاً للاهتمام بأمور المسلمين الذين يشكلون الأغلبية فيهما، لكن بعد إدخال اتفاقية «نيفاشا» 2005م حيِّز التنفيذ وانفصال الجنوب عن الشمال فعلياً قبل ست سنوات ونصف من إعلان نتيجة الاستفتاء فإن شخصية إسلامية بارزة ومشهود لها بالعمل في الحقل الدعوي مثل الداعية عمرو خالد حينما تزور جوبا عاصمة دولة جنوب السودان التي تحكمها الحركة الشعبية التي ما زالت تعمل «لتحرير السودان» ويكون لقاء الضيف الزائر ببعض وزراء حكومة جوبا بحضور مسؤول مصري رفيع، فإن الصورة هنا تبدو معقدة الملامح مثل اللوحة التشكيلية. وإذا كان عمرو خالد داعية إسلامياً واضحاً، فإن السؤال هو: ما هي المكاسب التي تُجنى من هذه الزيارة على الصعيد الدعوي؟ وهل ستكون ثمارها مثل التي جنتها منظمة الدعوة الإسلامية؟! الداعية عمرو خالد التقى في جوبا أمس الأول بربع عدد وزراء حكومة جوبا تقريباً، هم وزراء الخارجية والإعلام والتعليم والشباب والثقافة، وقد اتفق معهم على توقيع بروتكول بين حكومة جنوب السودان ومنظمة «صُنّاع الحياة» التي يرأسها وذلك لتنفيذ أربعة مشروعات، قيل إن دولة جنوب السودان «النفطية» تحتاجها، وحكومة جوبا أوقفت ضخ النفط لإسقاط حكومة الخرطوم، فكم ضاع من أموال من الشعب الجنوبي بسبب ضخ النفط؟ وكم ستمنحه له منظمة صناع الحياة لإقامة المشاريع «التي يحتاجها»؟! أي هل ستكون أموال «صناع الحياة» أكثر من التي أضاعها «صناع الموت» في حكومة جوبا؟! هذه المشاريع هي بناء مدرسة ابتدائية في جوبا «تحت إشراف مجلس أمناء صناع الحياة».. وسنتحدث عن هذا الإشراف.. المشروع الثاني هو إرسال خبراء في محو الأمية. والسؤال: هل تسمح حكومة جوبا صاحبة «مشروع السودان الجديد» وحسب منفستو الحركة الشعبية، هل تسمح بتدريس منهج تعليمي غير أن يكون قادماً من يوغندا أوكينيا أو إسرائيل؟ وهل تسمح بمنهج تعليمي يضعه مسلمون؟! .. لماذا كانت تنشر المنهج اليوغندي في الجنوب حتى قبل الاستفتاء؟! المشروع الثالث هو إقامة دورات تدريبية للمدرسين في وزارة التربية والتعليم ينظمها «صناع الحياة» مع وزارة الخارجية المصرية. وهذا يمكن أن يجد التنفيذ من قبل حكومة الجنوب لأنه إذا لم يُفد فإنه لن يُضر بمشروع السودان الجديد. أما المشروع الرابع «بسم الله ما شاء الله» فهو إقامة مخيمات شبابية للقادة الشباب بجامعات جنوب السودان بالتعاون مع شباب «صناع الحياة» وتحت إشراف وزارة الشباب في مصر. هنا نسأل: ما هي الإيحاءات السياسية التي يمكن أن تستفيد منها حكومة سلفا كير وباقان ودينق ألور في بروتوكول توقعه مع «الداعية الإسلامي» عمرو خالد؟!.. ترى هل هي تجميل تضليلي لوجه حكومة الحركة الشعبية «لتحرير السودان» حتى لا ينظر إليها على أنها ستتطوّر لتكون «لتحرير شمال إفريقيا» أيضاً بعد أن استضافت في جوبا سفيراً لدولة الأقباط الخيالية التي يتزعم مشروعها الوهمي مورس صادق؟! لا يجب أن ننسى شيئاً.. وكل خطوة تآمرية موثقة وموجودة. أما تحمس الدولة المصرية للتوقيع على هذا البروتوكول فإننا نجد لها العذر فيه، فهي «دولة» وليست مؤسسة دعوية كما هو مفترض أن تكون منظمة عمرو خالد. نتمنى للسيد عمرو خالد أن يوفق في مهمته «الدعوية».. لكن كانت أموال منظمته والخارجية المصرية أولى بهذا مسلمو مانيمار «بورما سابقاً».. وكان قد زارهم وهم في معاناتهم وزير خارجية تركيا داؤود أوغلو ترافقه زوجة أوردغان، أما جنوب السودان فهو ضحية برنامج الحركة الشعبية والصهيونية العالمية.