تُرى من يكون يقدوة لأجيال العمل الإعلامي الجديدة إذا كان هناك كاتب صحفي قديم من جيل السبعينيات يطرح نفسه محللاً سياسياً ولا يفرق بين لغة «الخبر» ولغة «الرأي» وهو يهاجم صحيفة الإنتباهة؟. هل نقول إن همَّهُ الكبير الذي هو انتقاد «الإنتباهة» الصحيفة الناجحة «قبل الانفصال وبعده» أعماه عن منطق الأشياء، وراح يطلق سهام النقد السامة تجاه صدر «الإنتباهة» بلا هوادة؟!. كل القصة هي أن كاتباً يطرح نفسه محللاً سياسياً في بعض الصحف الآن بعد أن انتقل من صحيفة إلى أخرى رأس تحريرها أراد النيل من صحيفة الإنتباهة وهو يربطها بمنبر السلام العادل باعتبارها صحيفته ولسان حاله فقال إنه «في هذا الوقت حيث مناخ الحريات الأربع» قرأ خبراً بالإنتباهة يشار فيه إلى ياسر عرمان باسمه فقط وليس بصفة «الرويبضة» وهي الصفة التي ظل يطلقها عليه المهندس الطيب مصطفى في عموده، وكذلك صفة شيوعي وعلماني.. ولم يتذكر صاحبنا لقبًا رائعًا هو «ديك المسلمية» الذي «يعوعي وبصلته في النار».. وكان ياسر عرمان يصرخ ويهرج في ندوة ضمن حملته الانتخابية فقد كان مرشح الحركة الشعبية من حلفا إلى نملي لرئاسة الجمهورية وفي تلك الندوة أو قبلها بدقائق كانت قيادة الحركة الشعبية قد فرغت من قرار يقضي بسحب مرشحها من المنافسة الانتخابية.. كان عرمان يصرخ بعد الفراغ من صياغة القرار، كان ديك المسلمية «يعوعي وبصلته في النار».. صاحبنا الكاتب الذي يطرح نفسه محللاً سياسياً بلا هدى مهني ولا كتاب سياسي منير استغرب في غياب ألقاب «رويبضة وشيوعي وعلماني» في خبر نشرته الإنتباهة عن رفض عرمان لاتفاق أديس أبابا كتبه محرر الأخبار الزميل الأستاذ هيثم عثمان. وصاحبنا «المحلل» حينما كان رئيساً لتحرير صحيفة توقفت هل كان سيسمح لو أن أحد المحررين معه كتب في خبر المجرم شارون أو جزار صبرا وشاتيلا شارون؟ صاحبنا «المحلل» لعله كان يريد أن يقول حينما اتفق عرمان مع منبر السلام العادل في رفض اتفاق أديس أبابا جعل صحيفة الأخير تسحب تلك الصفات.. لكن أي اتفاق يمكن أن يكون بين ديك المسلمية وأسد الكلمة الشجاعة؟! هل اتفق عرمان مع «المنبر» في رفض الحريات الأربع؟! هل اتفق المنبر « مع عرمان في رفض الحوار بما يسمى قطاع الشمال؟!. إنها لبراءة إن لم نقل السذاجة.. وصفة «المحلل السياسي» لا يخلعها شخص على نفسه ويطرحها وكأنه الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بهذه المهمة. ويمكن أن يتفق الناس في الرفض أو التأييد ولكن يمكن أيضاً أن يتفقوا في السبب.. لكن يبدو أن أفق القارئ أصبح أوسع من أفق المحلل السياسي. في كرري ثورة بيئية تبقى الإشادة بمنسقية اللجان الشعبية العامة بمحلية كرري وبالمنسق العام لهذه اللجان الأخ محمد عبد الماجد مُستحقة.. فبرنامج إصحاح البيئة الذي تقوم به محلية كرري دورياً كل أسبوع في الحارات والأحياء يعني بالفعل أن هؤلاء القوم يدركون أن الوجه الحضاري يبدأ باصحاح البيئة وأن الوقاية قبل العلاج تكون في بيئة صحيحة ولن نقول إن كرري التي سقت أرضها دماء شهداء سبتمبر 1998م أصبحت مثل المدن الأوربية المتحضرة من ناحية إصحاح البيئة والاهتمام بها ولن نقول إنها تحذو حذوها، لكننا نقول إنها استلهمت روح القيم الإسلامية والإسلام دين طهارة. ونقول إن محلية كرري استدعت حالة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيئية ابتداء من «إماطة الأذى من الطريق». وليت كل محليات السودان تحذو حذوها خاصة محلية الخرطوم باعتبارها مركز العاصمة القومية ويا أسفي على البيئة في «السوق العربي». ثم إن إصحاح البيئة يمكن أن يكون بتحميس واستنفار وليس بميزانيات مثل الخدمات. فهل نفرت كل محلياتنا مثل كرري خفافاً وثقالاً؟!.